بين الشط والجبل…عاتبتني فرق من ضلوعي

العدد: 9326

3-4-2019

يمامة نيسانية دنت من شرفتي، وشوشتني أن أموسق لها قصيدة وداع الشتاء.. تحرّقت من وجدي، ونمنمت لها قصيدة تتراكض وليالي القمر المضويّة، وتطبع على ثغر النخيل أول قبلة ربيعية..

ومن برد الأيام الشتوية قطرت خمر الحنين، وعندلت لها ألحاناً ترفّ خيوط الشمس في أوتارها، واستحرت لها حلماً أخضر تحمله يمامة ضوءٍ، وتلبسه الأماني معطفاً من فرح، وبدت لي وكأن الدجى راح يخضّر في يدها ويرتدي جلباباً من بهاء..
* ضحك الحلم مني هازئاً، ومضى وابتسامته الهاربة مرتدياً من الثياب أشعتها، وتوارى وراء اليباب.
قلت: سأوقظ يبابه، وسأملأ هذا المدى أغنيات يرشفن ثغر الدوالي، ويمتطين خضر الرياح، ورحت أصغي إلى هاتيك الذرا وهي تغزل ألحانها البهية، ورأيت كيف البحار راحت تضيء شطآنها، وكيف غار السنا وأترع خمره النبيل..
* عاتبتني – من خوفها – مزق من ضلوعي، وبكت عيناي دمعاً صامتاً، وقلت في نفسي: ماذا لو تحقق بعض حلم؟ لست طماعاً بالحلم كله، أريد بعضه فقط، فإذا بالليالي تستبدّ، وتكشّر عن أنيابها، وترجرج كلماتها لتصلني غاضبة وقائلة: ما لهذا الصعلوك والحلم؟ فقلت: هب أني صعلوك، أفلا يحق لهذا الصعلوك ببعض حلم؟
لماذا يجب أن تبقى كل الدروب مغلقة؟
لماذا تسد كل الأبواب لمجرد أن أسند رأسي إلى غدي راغباً ببعض حلم؟
*سغيّ دربي يا ريح الجنوب..
دعيني أتسلق صخرة عشقي، مللت من حزن يشبه حزن الصحارى، أريد لعصافير الفجر أن تموسق غفوتي، أريد أن ألتقي حلمي في عناق أو قصيدة، وأود لو تمطر في قلبي السماء، وأن أقحم الضياء من باب إلى باب..
* مشيت إلى كلماتي بلا وجه أرتديه، فخاطبني ظلّي: أعرفك بدون ملامح، كم مرة أخبرتك أنك ظلٌ لا أكثر؟
أغضبني ما سمعته، فتحولت كلمات قصيدتي نهراً يعبر صحراء دمي، ورأيتني أخلع أصواتي وأنزف أيامي، وأقطر دفء الكلمات..
* ذبل صوتي في عينيّ وانطوت سوسنات، وقيّل الضحى على شرفات عاتبات، وغادرتني زقزقات الحساسين التي اعتادت تنقر نافذتي، ورأيت ساحة حزني تكبر، تكبر وتزداد اتساعاً، وحزنت في ريشتي الكلمات.
* تشف روحي، فأفتح قلبي على الضوء، وتختلج مواجدي، يصحو مرقدي، ويبدي الأقحوان عطره، وأغلق أحلامي بالأمنيات..

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار