الوحدة : 2-3-2022
أغنية جميلة عمرها مئة عام، غناها ولازال يغنيها عشرات المطربين ورددها الملايين لحنها مميز يتقافز فيه سيد درويش بين المقامات ليطرب ذائقة المستمع وينَقِّلْها بين محطات النغم. للأغنية حكاية لا تقل ثراءً عن كلماتها ولحنها وإن تجادل المؤرخون في صاحب كلمات الأغنية التي يقول البعض إنها ليونس القاضي بينما تُجمع الأكثرية أن من ألفها هو بديع خيري صاحب حكاية الأغنية.
يقال: إن بديع خيري وهو كاتب ومسرحي وزجال وملحن مصري تعرض يوماً إلى موقفٍ واجه فيه وزير الداخلية المصري أيام الاحتلال البريطاني، حيث أنّبهُ الأخير ولامه لانتقاده الدائم للاحتلال وأمسك بياقة قفطانه قائلاً: كيف لك أن تنتقد البريطانيين وهم من صنعوا لك جبتك وقفطانك، أنتم غير قادرين حتى على صناعة ملابسكم! أجابه بديع خيري: ” تلوم عليَّ ازاي يا سيدنا .. وخير بلادنا مهوش في إيدنا؟” من هذه الإجابة وُلِدت الأغنية: أهو ده اللي صار وا دي اللي كان مالكش حق تلوم عليَّا تلوم عليَّ ازاي يا سيدنا وخير بلادنا مهوش في إيدنا قولي عن أشياء تفيدنا وبعدها بقى لوم عليَّا مصر يا أم العجايب شعبك أصيل والخصم عايب خلّي بالك من الحبايب دولا أنصار القضية وبَدَل ما يشمت فينا حاسد إيدك في إيدي نقوم نجاهد واحنا نبقى الكل واحد والأيادي تصير قوية أهو ده اللي صار وا دي اللي كان ملكش حق تلوم عليّا.
اليوم بعد مئة عام نقول لبديع ودرويش لازالت بلادنا بلاد العجائب ولازال خيرها في يد غيرها، لازالت الأيادي فرادى بل إن يد الأخ امتدت إلى أخيه يريد قتله بداعي الحرية والربيع! اليمن السعيد انقلب على سعادته، سوريا بوابة الشمس خاصمت شمسها، مصرهبة النيل تستجدي مطر السماء، العراق بلد الرافدين أضحى بلداناً بلا روافد، لبنان يبتلع نفسه، ليبيا تاهت في صحرائها، السودان بُتِرَت ساقه، والخصم الحاسد العايب يجلس في مقاعد المتفرجين يشجع ويثني على ما يشاهد وتتسابق الأيادي إليه تريد المصافحة والتطبيع، من يقول لنا الآن أشياء تفيدنا؟ أهو ده اللي صاير ولا ينفع لومٌ ولا عذَلُ.
شروق ضاهر