وقال البحر… تحت سماء الأنين

الوحدة : 3-2-2022

 

قريباً من ضفاف اليتم.. فوق شواطئ الحزن يعلو الأنين وعلى وجهه الكثير من غبار الحروب.
قريبا من ضفاف الغيم.. تعالوا ننصب أرجوحة للأطفال اليتامى والمشردين.. نعلّقها بأغصان النجوم.. نتأرجح معهم, نغني ونرقص سوية فوق صخور التلال المتعبة..
قريباً من ضفاف الغيم, وقبيل رحيله بأربع سنين في ذروة الحرب على وطنه سورية، كان يقول: (أخشى أن تضيع هذه البلاد التي أنتمي إليها).
سيد جورج الساكن بيت السماء.. كن مطمئناً بأن البلاد التي كنت تنتمي إليها ستتعافى، وستجرف الطحالب التي طفت على ضفافها وتجذّرت في أعماق خضرتها..
سيد جورج، لتهنأ روحك المسافرة على بساط الغيم.. تنزه هناك ما شاء لك من المقام في بساتين النجوم.
سيد جورج، وإذا ما مررت من فوق البلاد التي كنت تنتمي إليها، لوّح لها، وقل: عليك السلام.
بندقية في المطبخ..
رجل (يمرُ حاملاً رغيف خبز على كتفه)
وآخر (ينظف بندقيته في مطبخه)..
ما قيمة الحديث عن الغيب؟!
وآخر أيضاً (يقتحم صدري وفي يده عصا..) فهل يمكن التحدث بعد ذلك عن سقراط إلى الطيب؟!
أنت الحامل رغيفاً على كتفك، حاذر أن تطلب زيتوناً أو زعتراً لأطفالك من الذي ينظف بندقيته في مطبخه..
وأنا الذي يقتحم صدري آخر، وفي يده عصا، لن أحدثه عن سقراط..
الصديقان.. حامل الرغيف، وأنا المقتحمة صدره بعصا.. أوصيكما:
أنت لا تقرب من مطبخ مَن ينظف بندقية، وأنا سأبتعد عن ذلك الذي يريد أن يقتحم صدري بعصاه.
××××
منذ قرون بعيدة.. قال التوحيدي في (العيارين):
عصائب يسوّدون وجهوهم.. يحرقون وينهبون ويسلبون..
قبيل الحرب وجوههم سوداء وبعد الحرب وجوههم سوداء.. آيه! يا توحيدي.. كُثر النهابون والعيارون.. لم يعودوا فتياناً.. صاروا جيوشاً ودولاً ومرتزقة.. يغارون على الشعوب والأوطان الآمنة.. ينهبون ويسلبون.. يحرقون ويقتلون، ويغتصبون كل جميل، باسم الحرية والسلام.
×××××××××××××
عندما كان (دون كيخوتي) يحتضر حاول رفيق رحلته الطويلة, في محاربة طواحين الهواء (سانشوبانثا) أن يخفف عنه، قائلاً: إنهم سيذهبون عما قريب في رحلاتهم الفروسية، فيجيبه دون كيخوتي: كلا.. لقد انتهى ذلك إلى الأبد، وإنني أسألك الصفح، فلم أعد دون كيخوتي لقد عدت ألونزو الطيب كما كانوا يلقبونني في وقت ما.
حاربت طواحين الهواء فاعتذرت عن حربك.. والذين قتلوا ونهبوا وسرقوا، وأشعلوا الحروب وجاهدوا في النساء والأطفال، والغابات والأوطان، عندما توافيهم آجالهم ولحظة احتضارهم، لا أظن بأن أيّاً منهم سيعتذر عن أي جرم اقترفه..
سيعتذرون.. لحظة الاحتضار.. ولكن لمن؟!

بديع صقور

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار