الوحدة: 2-2-2022
تكاد المكتبة العربية تخلو من الدراسات والأبحاث التي يمكن اعتمادها كأرشيف يوثق نوعاً ما من الآداب أو الفنون، خاصة فيما يتعلق بعالم الطفولة، ومع أنه لا شيء يبرر عدم اهتمام الجهات الرسمية أو المجتمعية بهذا النوع الهام من الأبحاث التي تؤسس لنهضة معرفية وتربوية بما يخص أطفالنا في سورية خاصة والوطن العربي عامة، لكننا ومن خلال هذه السطور نسلط الضوء على دراسة هامة في هذا المجال حاولت تقديم لمحة حول المجلاّت الموجّهة للطفل العربي للباحث الدكتور سعيد يحيى بهون علي، وهي دراسة تؤرخ لانتشار مجلات الأطفال في العالم العربي والدكتور الباحث متخصص في أدب وثقافة الأطفال.
تقول الدراسة أن المجلاّت الموجّهة للأطفال في مختلف الأقطار العربيّة، مرت بمراحل عدّة في تطوّرها، فقد بدأت بداية مدرسيّة تتّخذ من التلاميذ عماداً لها في تحرير موادّها، ثمّ تحوّلت إلى صحافة موجّهة تشرف عليها مؤسّسات حكوميّة أو مستقلّة، يحرّر فيها شعراء وكتّاب ورسّامون وتتناول شتّى أساليب الحياة، الهدف منها تثقيف الطفل وتوعيته والإسهام في تنشئته.
وقد شهدت صحافة الأطفال في الأقطار العربيّة عموماً تطوّراً بارزاً، وتقدّمت إلى الأفضل من وجوه عديدة، فمن حيث الشكل حدث تطوّر في الألوان والرسوم والصور وجودة الورق والطباعة، أمّا من حيث المضمون فقد تحسّن تحسّناً ملحوظاً من وجوه عدّة، أهمّها أنّها تخلّصت من التبعيّة للمجلاّت الأجنبيّة إلى حدّ ما، وباتت لا تترجم إلاّ ما هو مفيد ومناسب، وتعدّدت الزوايا وتنوّعت، إذ كانت المجلاّت في بدايتها مقتصرة على القصص والتسالي والوصايا، وأصبح ما ينشر فيها أكثر مناسبة للأطفال وأعمارهم، وبات المشرفون على تحريرها أكثر تخصّصاً وفهماً لنظريات التربية وعلم النفس من سابقيهم، كما استفادت ولا تزال تستفيد من تجارب صحافة الأطفال في العالم، وتعاونت بعض هذه المجلاّت مع الجامعة العربيّة ومنظّمة اليونسيف على غرار مجلّة (أسامة) السورية، إذ تخصّص صفحة لمنظّمة اليونسيف تذكر فيها أخباراً وآراء ونصائح للأطفال وذويهم.
وخلصت الدراسة إلى أنّ الخطاب الثقافي في أغلب هذه المجلاّت لا زال يفتقد إلى اتّساق في نظام القيم، بل نجد تبايناً بين قيم مضامينها، وأكثر من هذا أنّ هذا الاتّساق لا يُشكّل هاجساً من هواجسها رغم أهمّيته في بناء شخصية سليمة للطفل، يضاف إلى هذا أنّ هذه المجلاّت متفرّقةً ومجتمعةً لا تطرح منظومة متكاملة للقيم، ويلاحظ تركيز أغلبها على القيم المعرفيّة على حساب قيم تنمية الشخصيّة، من حرّية وثقة في النفس واحترام الرأي والرأي الآخر، وتنمية مهارات الإبداع، ممّا جعل منها نسخا معدّلة من الكتب المدرسيّة.
المجلاّت الموجّهة للطفل العربي، واحدة من الدراسات القليلة التي تؤكد على أهمية الانتباه إلى ما يوجه إلى أطفالنا وانتقاء الجيد منه فقد بات من المعلوم أننا نتشارك في تربية أجيالنا مع العديد من الجهات والتقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة مع الأمل بأن تكون المجلات الموجهة لأطفالنا حديقة للمعارف بحق يقطف منها الطفل ثمار العلم والمعرفة ويتمكن من المشاركة الفعالة في بناء مجتمعه بشكل حضاري.
فدوى مقوص