الوحدة 13-1-2022
وُئدت حوّاء ما بين الثّوب الأبيض الذي تحلم بارتدائه كلّ فتاةٍ، وبين الكفن الأبيض الذي لا يراه مُرتَدوه، تعيش حوّاء الأنوثة حياةً مكتنزةً بالأحداث واليوميات والذّكريات، التي تُراكم أنفاسها يوماً بعد يوم، وتُكسبها من الخبرات والمعارف ما يُسلّح عقلها وفكرها في مواجهة أعتى الظّروف وأقساها.. هي امرأةٌ صُقلت من حجر الصوّان، وعُجِنت بعبير الأقحوان، لتُزفّ في آخر الحكاية سندريلّا لم تغفل عن حذائها تلك الليلة، بل ارتدته وتزيّنت بحُللها وجواهرها، وترصّعت بحبّات القلوب الدّاعية لها بالسّلام والاطمئنان مع آدم.. الرّجل المنحوت من الصّولجان، المجبول بالشّقاء والهناء.. وما بين أبيها وزوجها تعيش كنَف الحياة، حبٌّ وعشقٌ وسعادةٌ وأمانٌ واستقرار…. وغير ذلك كثيرٌ كثير من هدايا الحياة وهِباتها. تخرج من عباءة أبيها لتختبئ في ظلّ رجلٍ تهبه روحها قبل نفسها، فإن كان أهلاً لبيتها زانَت دهره حبّاً وشغفاً، وإن كان غاصباً مُذلّاً لها كانت بين نارَي الطّاعة والرّضوخ، فلا مهرب اليوم من قدَرٍ ترسمه لها قصص الأمّهات والجدّات.. فأنتِ الجبل المحمّل أوزار نساء الكون مجتمعات، ولا شافع لتلطيخ ثوبك الأبيض بأبغض الحلال.. كوني الصّابرة الصبورة واصمتي، هذا ما يُراد لحالك.. وأمّا اليوم وبعد الحدّ الذي انتظر كثيراتٍ من بنات حوّاء وأُقيم بسكّينه على رقابهنّ، فلا سكوت ولا صمت.. بل أعلي الصّوت وأجهريه.. ففي الحياة ما يستحقّ الحياة.. بأبيضها وأسوَدها.. سكّرها وملحها.. هنائها وعذابها.. ولا وأد لروحكِ بين الأبيَضين.
ريم جييلي