الوحدة 25-12-2021
حال الإعلام هذه الأيّام غير مُطمئنة، وأصحاب الاختصاص ليسوا بخيرٍ، لا بسبب الضّغوط ومشاغل الحياة اليومية ومتاعبها وحسب، إنّما أسفاً على ما آلَ إليه الوسط الإعلاميّ من تطفّلٍ وتسلّق ولامبالاة..
كنّا كتبنا مراراً وتكراراً عن ازدحام القاع وضيقه بمن فيه من أدعياء الإعلام ومُريديه، لكن عبثاً وهباءً منثوراً، ولم نُسمع الصّوت أحداً..
ما إن تتصفّح مواقع منصّة التّواصل الاجتماعي (فيسبوك) حتّى تتعثر عيناك بعشرات الأسماء لشبابٍ وشابّات، يُشهرون أقلامهم اليوميّة وينتحلون صفاتٍ كان الأجدى أن تكون لأهل المعرفة والاختصاص بخفايا الإعلام من أكاديميين ودارسين.. كلٌّهم يحمل صفة (إعلاميّ) بغضّ النّظر عن الشهادة والمؤهّلات العلمية.. وقد يقول قائلٌ إنّ الكتابة الصحفية موهبةٌ، وليست حِكراً على أهل الاختصاص فقط، وكَم من طبيبٍ أو مهندسٍ أو مدرّسٍ أو فنّانٍ….. وسواهم لمع اسمه كإعلاميٍّ مخضرم واشتُهر محلّياً وعربياً وعالمياً، فالإعلام لا حدود له وكذلك الكتابة تتّسع بوتقتها للجميع؟!
ومن هذا المنبر نردّ بسؤالنا: هل يجوز لغير الطّبيب أن ينتحل صفته ويُداوي المرضى؟ وهل يحقّ لأيٍّ كان أن يُصمّم مباني ويُعِدّ دراساتٍ هندسية لأبراجٍ وناطحات سحابٍ دون أن يحمل مؤهّلات الاختصاص الهندسي وشهاداته العليا؟
وقِس هذا على باقي المهن، دون أن نغفل ملَكة الكتابة وموهبتها الفِطرية التي يتمتّع بها عديدٌ من الأقلام النّابضة، لا بل يتفوّق أصحابها على أهل الاختصاص.
ثوب الإعلام فضفاضٌ ويستوعب في عباءته ما تجود به ضمائر وعقول أهله من أفكارٍ وموضوعاتٍ وعناوين ومواكبة أحداثٍ ويوميّاتٍ وهمومٍ وقضايا أساسية وهامّة ووو، لكن – وليس من باب التّنظير- فإنّنا ندعو إلى وضع قواعد صارمة وتدابير حازمة في وجه كل مَن يدّعي انتماءه إلى (الإعلام)، وأنّه صوت الحقّ ونصير المظلومين، فالإعلام لم ولن يكون مكبّاً لترّهاتكم وسخافاتكم وأقلامكم الفارغة حتّى من حبرها، لنحافظ على قواعد ألف باء ما تكبّدنا عناء سنين لإتقانه وإمساك زمام وناصية مبادئه الأوّلية، وضوابطه الأساسيّة، ولنا في حديث التّعدّيات على لغته بقيّة.
ريم جبيلي