ثقافة الاستهلاك

الوحدة: 5-10-2021

الاستهلاك ثقافة مرتبطة بنمط الحياة والعادات الاجتماعية والتقاليد والحالة المادية، وتلعب دورها في مواكبة الظروف الحياتية للإنسان والتكيف معها، والتطور التقني وثورة الاتصالات أديا إلى الانفتاح على العالم ودخول عادات وتقاليد استهلاكية جديدة أدت لاستنزاف جزء كبير من موارد الأسرة ودخلها، والثقافة الاستهلاكية من الجوانب المصاحبة للعملية الاستهلاكية وإدراك الاحتياجات في ممارسة عملية التسوق والاستهلاك.
ثقافة الاستهلاك الغربية وقيم السوق تعمل لتشييء الإنسان وجعله مجرد سلعة في سوق التداول والعرض والطلب مبتعدة عن القيم الفكرية والروحية ووسائل الإعلام الغربية تتقن أساليب تصدير وتسويق المنتجات التي تمنح الفرح العابر بوسائل امبريالية الهدف استهلاكية المضمون متوحشة القيم لشد المجتمعات الأخرى وخاصة الفقيرة نحو ثقافة التسليع والتسويق والاستهلاك ويندرج ضمنها استيراد القنوات الفضائية العربية لبرامج ترفيهية واستهلاكية أمريكية وتقديمها كوجبات يومية دسمة لا غنى عنها في إطار ثقافة الاستهلاك دون أن يتساءل المرء عن قيمة المعروض المادية والمعنوية والهدف الكامن خلف ترويجه ما يؤكد القصور الفكري لدى المسؤولين والمسيطرين على سوق الفضائيات العربية، وعلينا أن نتصور ترويج أدوات تجميل باهظة الثمن لنساء أغلب دول القارة الأفريقية اللاتي تقصّف شعرهن ومُحيت معالم وجوههن بسبب الفقر والجهل وحجر الطبيعة أو تقديم أجهزة الكترونية حديثة أو معدات تواصل عالية التقنية لأولئك الجياع..؟!
الثقافة الاستهلاكية الصحيحة تجنب الفرد الأزمات على نطاق الأسرة والمجتمع والوقوع في مأزق عجز الميزانية الأسرية وهي ثقافة مكتسبة من أساليب الحياة ومعانيها وعاداتها تحفز الفرد للبحث عن الجديد مع مراعاة الظروف المستجدة والأزمة التي تمر بها البلاد والغلاء الفاحش الذي يقيد الإنفاق الاستهلاكي ويحجم القدرة الشرائية على الرغم من تزايد الاحتياجات هذه الأزمة التي أثرت على تفضيلات الفرد السلعية والتقشف وضبط الإنفاق ما أمكن والاقتصار على الأولويات والاستغناء عن الكثير من الكماليات والالتزام بالمشتريات التي تلبي الحاجات والابتعاد عن الإسراف وتبذير المال على الرفاهيات.
العولمة لا تروج للثقافة الاستهلاكية الأصلية وتحصر همها للترويج للسلعة والربح وفتح وعي الناس على المنافسة واقتناء الكثير من السلع ولا يكفي أن يكون العقل سليماً بل استخدامه بشكل جيد واشباع الحاجات ضمن الموارد المتاحة والتفكير في أي عملية استهلاكية نقوم بها ودراستها جيداً وتسجيل المصروفات الشهرية (خبز – خضار – فاكهة – تموين – لحوم – طبابة) والاستغناء عن الكثير من الكماليات بعد ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء أجور وسائل النقل لأن موارد الأسرة محددة والقدرة الشرائية في انحدار حاد، واختيار أنماط استهلاكية صحيحة ومناسبة وكما يقال: (على قدر البساط تمدد الرجلين) ولكي تطاع اطلب المستطاع.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار