بين الشـط والجبل … كطائرة من ورق

العـــــدد 9313

الأحــــــــد 17 آذار 2019

 

 

يجيء العيد، وأرواحنا مثقلة بالحزن، عيد مبارك عليكنّ ..
ذابلة، تموت على شفاهنا، حيرى، تدور في مهب الحرب.
***
عيد مبارك عليكن، سرقتها الأيام منا، وبددتها الحرب، صغاراً كنا ندور على بيوت أهلنا، وجيراننا الفقراء مثلنا، صغاراً، قبل طلوع الشمس، ندور عليهم لنصبحهن
بـ (عيد مبارك) عليك، يا أمي، يا عمتي، يا خالتي، يا جارتي . . . يا أم رفيقي ورفيقتي.
يجيء العيد، وقد غصت الدروب بحاملي النعوش، ولم يعد العيد كمثله.
عيد مبارك عليكن، لمن سنقولها صبيحة هذا العيد؟ للنعوش أم للغائبين؟ أم لأمهاتنا، للذين رحلوا، أو رحّلوا؟ للذين غيبتهم ظلمات الحروب؟ للواتي قضين تحت ركام بيوتهن؟ لمن طوت أجسادهن أمواج المحيطات والبحار.
لمن؟ للذئاب التي جاءت إلينا، بالسواطير، وأنياب الدم، من جمهوريات الكهوف
وممالك الرمل؟
لمن؟ للذين فصلت رؤوسهم، للتائبين عن حب الحياة والقمح؟
يجيء العيد.. وعيد مبارك عليكم وعليكن
تشظت كأيامنا وذبلت كأوراق العمر، أخذتها الحرب كأصواتنا، خبت فرحتها، وعلا صوت الذئاب، وتلاشت أرواحنا في دخان الحروب كالزبد.
جاء العيد، وسيمضي العيد يا أمي، وأبصارنا ما تزال معلقة بـ (عيد مبارك عليكن) نطيرها كطائرة من ورق في يوم شديد الريح..
يجيء العيد.. وقبل أن يمضي العيد، قبل أن نصبح شظايا هذا الزمان، قبل أن نطيّر كطائرات من ورق، في يوم عاصف شديد الريح، اسمحوا لي
أن أهمس لأرواحكن يا أمهات الشهداء، ويا كلّ أمهاتنا الطيبات: عيد مبارك عليكن.

بديع صقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار