طلّاب الشهادتين بين مطرقة الأهل وسندان الامتحان

الوحدة 1-6-2021

يبدو أن الجهل العام الذي يسيطر على بعض سلوكيات مجتمعنا أخذ ينتشر بشكل واسع ويرسم طُرق وبِدع جديدة تُضاف إلى مكاسبنا الاستراتيجية من التعاليم والتقاليد والتربية السيئة، والكلام الآن عن موروث يزداد سوءاً عام بعد عام، حيث تشهد هذه الأيام موعد تقديم امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية لكننا نلاحظ تجمعات وتجمهراً كبيراً حول مراكز الامتحانات بشكل غير مبرّر، وهذا الجمع يشكّله ذوي الطالب المفطوم على تلك الحنية المفرطة فهم على استعداد للدخول إلى قاعة الامتحان إن سمحت القوانين بذلك، وهنا يتعرّض هؤلاء الطلاب لظلم عاطفي في غير مكانه، الأهل يظنون أن في هذا الأمر تشجيع ومحاولة لإبعاد شبح أجواء الامتحان وقسوته على أبنائهم، لكن طبيعة الأمر أنهم زادوا من رهبة وهول الدخول في ذلك الجو الامتحاني، وهذه السياسة المتبعة لن تجلب سوى زيادة نسبة الخوف والتوجّس بسبب الاهتمام الزائد الذي من شأنه القسوة وتشتيت معلومات الطالب، مع العلم أن الدخول في أجواء أي امتحان هو بمثابة تحدٍ كبير للذات والعقل وهنا تظهر ملامح الثقة بالنفس التي تعزّزها قوة الشخصية وطموحها المشروع في المواجهة، وللمقارنة ومنذ عقود أربعة أو أكثر، كانت مراكز الامتحانات قليلة جداً وهذا يحتّم علينا المسير لمدة ساعة ومن قرى عدة للوصول إلى مركز الامتحان، وأهلنا في جهل شبه تام بالكاد يعرفون أن الامتحان قد بدأ ومهمتهم تنحصر في إيقاظنا فقط، أما الرهبة الحقيقية كانت أمام مبنى المدرسة، فرؤية ذلك الشرطي الذي يرمقنا جميعاً كانت أشد وأقسى من ورقة الامتحان، لأننا بالفطرة محكومون بفوبيا السجن والخوف من الشرطة ،أما الآن فأغلب الممتحنين ترافقهم سيارات بجميع الماركات يتجمعون أمام المركز وبالتالي يتحتّم وجود عناصر شرطة المرور لتنظيم السير، إضافة إلى عناصر الحماية على باب المبنى، وهذا الوضع يعمل على تفريغ قوى الأمن من مهامهم الرئيسية ووضعها قرب المراكز والمدارس.

وعلى المقلب الآخر حيث تنطبق مقولة المتنبي (مصائب قوم عند قوم فوائد)، هناك استيقاظ مبكّر ومحسوب النتائج لدوريات متعدّدة من المتسولين الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، فيقومون برمي كل ما بجعبتهم من صلوات وتوسل لمساعدة أيتامهم العُراة ودعوات منمّقة عميقة لنجاح هذا الطالب، في محاولة جريئة لاستمالة عطف الأهالي وقت امتحان طلابهم، وعندها سيقعون بمصيدة هذه الفئة وأمام أعين أبنائهم والدفع بالرضى والمعروف حتى لا يقع المحظور ويتم العقاب الإلهي على أيدي هذه الشريحة.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار