الفضاء المفتوح جداً

الوحدة 17-5-2021

كانت فكرة افتتاح محطة تلفزيون قبل عقدين من الزمان، ضرباً من الخيال الذي لا تقدم عليه إلا الحكومات لما في ذلك أولاً من مصاريف كبيرة جداً، وثانياً من تعقيدات قانونية وإجرائية.

ثم تطورت وسائل الاتصال خلال العشرين سنة الفائتة بشكل لم تتطوره خلال قرن كامل، وامتلأت السماء بالأقمار الصناعية التي كانت أجيالها الأولى بغرض التجسس والتلصص، فإذا بها تصبح صناعة مربحة ومدرة لمداخيل مهولة في عصر المعلومات.

وبعد أن كانت قنوات أي جهاز تلفزيون لا تتعدى العشر منها (كخارطة طريق)

ذائعة الصيت ظهر البث الفضائي الذي كان في البداية مكلفاً وشيئاً فشيئاً تحول إلى بث تجاري مربح للطرفين.

ودخل القطاع الخاص في البداية على هيئة شركات لهذه الصناعة، وانطلقت

فضائيات عربية ملأت الأجهزة ضجيجاً لا أول له ولا آخر، سواء أكان ضجيجاً إخبارياً أم إيقاعياً في فورة المحطات التي أخذت تتكاثر كما يتكاثر الفطر.

 ثم تقدمت المسائل خطوة أخرى جديدة، فظهرت محطات خاصة لأشخاص بعينهم من أهل الفن، وسوف نرى قريباً فضائية خاصة بكل مطرب أو مطربة وسوف يكون السؤال التقليدي الذي يطرحه الصحافيون على أي فنان: ما جديد محطته الفضائية بدل جديد ألبوماته الغنائية و(كليباته)! وأعتقد أنه صار من الإنصاف أن يكون لكل دار نشر محطة فضائية في زمن قل فيه القراء وكثر المشاهدون، وستكون المجلة المرئية والصحيفة المرئية بديلاً من المطبوعات الورقية تلك الصناعة التي عفا عليها الزمن وتجاوزتها وسائل الاتصال.

ولكن وسط كل هذه الفوضى الفضائية التي لا يربطها رابط سوى أنها تأتي عبر الأقمار الصناعية إلى أجهزتنا.

كيف لنا أن نربي الجيل الجديد من الأبناء الذي يفتح عينيه على كل هذا الإبهار البصري في فورة لا يوجد ما يضادها في المدارس ودور العبادة سوى لهجة التحذير التي لا تؤثر كثيراً في الحيل الجديد التي لا تؤثر كثيراً في الجيل الجديد الناشئ في أحضان الفضاء!

ومع التسليم بوجود فضائيات تهتم بالجانب الأخلاقي والوعظي، إلا أن خطابها موجه لفئات عمرية لا تحتاج الكثير من المواعظ أو أنها مسيئة وبعيدة عن الأساليب التي تجذب قطاع الجمهور، خاصة فئة الشباب ومن أنا فنحن بحاجة إلى توعية فضائية موجهة إلى الشباب بلغة أكثر رصانة دون الإخلال بالجوانب والاحتياجات التي يرغب بها الشباب أي نحن بحاجة إلى بدائل مناسبة لا مجال في هذه العجالة إلى الاسترسال في الحديث عنها ولكن لا بد لنا من قرع ناقوس الخطر بأن ما يحدث على الساحة الفضائية بحاجة توقف ودراسة وإعادة بحث، وإلا فإن الجيل القادم لن يكون جيلاً عربياً واعياً حسب ما تم التعارف عليه عن الهوية العربية، بل سيكون جيلاً راقصاً ونخشى أن يأتي من يقول: إلى الرقص أيها الجيل الصاعد.

لمي محمد معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار