الإحباط… يشل العقل عن التفكير

الوحدة 28-3-2021  

 

 الإحباط إحساس ضمني ينتاب الإنسان وحالة سأم وملل تطوق المرء حيناً من الزمن تطول  أو تقصر تخلف ندوباً لا ترى بالعين المجردة تنعكس قلقاً وتوتراً وتناقضاً عاصفاً بين مد وجزر تغوص في أعماق النفس البشرية تقضم أخضر روحها ويابسها ويتحول إلى أزمة حياتية تعقد حياة الفرد وتنعكس آثارها السلبية عليه وعلى أسرته, كمن يعيش على هامش الفشل وكأنما أطبق عليه من كافة الجهات وكتم أنفاسه وما عاد قادراً على التفكير بشيء سواه.

 الإحباط الذي يتسول ويتسكع على أرصفة أوجاعنا ومشاعرنا التي تنزف تعباً وقهراً هو انعكاس لما في داخل نفوسنا من مشاكل وصعوبات وظروف قاهرة تتبدى على شكل خمول فكري يقتحم الذهن بشبكة متشعبة من الأفكار السوداوية التي تغرق الأعصاب وتفور كما يفور قطيع من دود, ويأس عقلي في جميع تفاصيل الحياة يطفئ شعلة الأمل ويسد جميع المنافذ إليه ويصبغ الحياة باللون القاتم, وحزن يماثل الضوء الشاحب في العين والأمل الخائب في النفس.

 كلما كان عالم الخارج  خالياً من الأمل تضاعفت الخيبة والإحباط الذي غالباً ما ينتج عن  الرؤية القاصرة والضيقة التي يتم التعامل بها مع العديد من المشاكل والمصاعب وتتابع النكسات وتوالى الخيبات وعدم تطابق نتائج الأعمال مع الأهداف والغايات والرغبات التي لم تتحقق والخوف من الفقر ومن فقد الأحباء, ويتأجج الإحباط حين

 تشتعل نار الحسد والغيرة والحقد والكراهية وعقدة النقص والفراغ الروحي 

والإفلاس الفكري والهباء الوجودي.

الإحباط يخلف الندوب والخدوش والشروخ التي تحفر عميقاً في النفس البشرية ويساهم في تخلف الفرد والمجتمع وإيقاظ الوعي الأسود النائم المدمر من ثباته ما يدفع الإنسان إلى الشذوذ والانتقام, والإنسان المحبط تصخمت الخيبة لديه واستطالت أحزانه الموجعة , يفرق في ذاته حتى ينسى الآخر , تتقاذفه أفكار مبهمة تشجعه تارة وتحبطه أخرى وتنتهي بكابوس , يضل في شعاب اليأس ويترك وزمامه بيد الحزن ويحس أن القطار تركه في منتصف الطريق وصار كقرمة حطب قديمة معسعسة دخان نارها أكثر من دفئها.

 الإحباط خنوع للفشل وعلى الإنسان أن يسعى للعمل والنجاح والتكيف مع مشاكل الحياة والتسلح بالأمل وإرادة العمل وإعلان حالة الاستنفار الحسي لتنشيط الذهن وإطلاق أفكار الشغف بالحياة للخروج من دائرة الخيبة التي تشل العقل عن الحركة والتفكير.

علينا تقبل الصعوبات واستيعابها بروح الصبر والعزيمة وتعويد الأفراد على العمل والعطاء للتخلص من حالة الإحباط العقلي والوجودي المحيط من كل حدب وصوب كي نعيش ونتمتع براحة فكرية وصحة جيدة.

 نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار