آذار الهدار…

الوحدة : 8-3-2021

 

وبعد أن انقطعت الآمال بشتاء وأمطار، جاء آذار ليبللها ويفرج الأسارير والأسرار, وكما قالت جدتي: (ربنا لا يعطي علمه لأحد) انسلت أشهر الشتاء وأوشكت الغياب بلا غيوم وأمطار والناس في سؤال وعلى كل لسان: أين كانون وبرده الذي يصك الأسنان؟ والأرض جفت أقدامها وتشقق أديمها, وماء النهر انحسر وانكشف ما تحته من آلام, والأشجار أينع زهرها وانبلج بحلول أيام دافئة مشمسة وزاد الخوف على مواسمها أن تأتي ريح صرصر ترمي بوابلها وسهامها فتقلع الأخضر فيها وتبقي اليابس, والناس في حيرة من أمرها واندهاش، أهذه هي الشتوية تمرّ ولم نصرف 100ليتر مازوت بل بعضهم أشار بأنه لم يشعل ناراً ولا موقداً ومدفأة هذا الشتاء, ولم تكلفه التدفئة ليرة ووفرت عليه سبحانه (الرّحمن الرّحيم العالم بالحال والأحوال) ولم يلبسوا ثيابهم الشتوية التي اكتنزوها من الشتاء الفائت واشتروها في أواخره عندما نزلت الأسعار في الرخصة السنوية (الله يرحم تلك الأيام) حيث كانت الجاكيت النسائي لا يتجاوز سعرها 20ألف ليرة واليوم يفوق سعرها الخمسين ألفاً وغيرها ستون, والبيجاما للبيت بين (8-9) آلاف واليوم 20 وما فوق فما بالك التي تظهر بها الفتاة خارج البيت فهي في الـ (45) ألفاً و.. ولم (يظبط) الحساب يوماً, وتوجسوا بها خيراً لأيام شتاء عارم بالبرد والأمطار وكان ما كان.

 الحمد لله انفرجت ومن أول يوم في شهر آذار حمل لنا الأمطار والبرد وصدق الذي قال (خبي قرماتك الكبار لآذار) ومن قلع من بيته المدفأة وخلع عن أرضيات غرفه السجاد ظناً بدفء آذار والربيع الذي أقبل باكراً وأدبر بالحال استعان ببعض المدات والبسطات .فالزوجة التي شمرت عن يديها وغسلت ووضبت ترفض بإصرار أن تعيد رداء الشتاء لبيتها, وبساط الصيف أوسع وأشرح وقد انبلجت عندها بوادره وشمسه, ورغم كل ذلك نقول : الله يفرجها بعد كل هذا الانحسار وتصبّ الأمطار صباً وليملأ السدود ماء ويزيد ماء الأنهار والينابيع لتغمرنا انتعاشاً في يقظ الصيف وتروي العطاش وأرضنا المزهوة بالطيبات ولو تأخر (كل تأخيرة فيها خيرا) وتنكبّ علينا المحاصيل والمواسم كباً لتكون بأسعار مرضية ترطب الفؤاد لا تجارة فيها ولا شطارة بل لذة وحلال.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار