الوحدة 3-3-2021
مالئة الدنيا وشاغلة الناس، لا يكاد ينجو من جاذبيتها صغير ولا كبير، تأخذ بنواصي البشر في شتى أصقاع الأرض، إنها (وسائل التواصل الاجتماعي)، هذه المواقع الإلكترونية التي تقرب البعيد، تجعل الكوكب الأزرق عبارة عن قرية صغيرة يتشارك فيها الناس الأفكار والصور والآراء وغيرها مما يختلج في الصدور، وما تقدح فيه العقول، وتضطرب به القلوب، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغفل الأهمية الكبيرة التي تقدمها هذه المواقع إذا ما استخدمت في مسارها الصحيح والمفيد كما بقية الاختراعات التي قدمها الإنسان لخدمة البشرية، حيث تقدم الفائدة المرجوة في شتى صنوف العلوم والنشاطات، تكاد تقارب معظم اهتمامات الناس وما يجول في البال والخاطر، لست هنا لأروج وأثمّن عالياً أداء وأهمية هذه المواقع، لكن غايتي الصرفة الكتابة عن الجانب المقزز الذي تستخدم فيه أحياناً من قبل البعض، ألا وهو تلك الإبداعات التي تتفتق عنها أذهان البعض، فيصولون ويجولون بما ملكت أيمانهم من سرقات أدبية أو فكرية وغيرها.
لا يوفرون أي سطر يكتب هنا أو هناك للسطو عليه، فيتربصون بتلك السطور بموهبة فريدة في (النسخ واللصق) من غير أن يرف لهم جفن، و كم تمتلئ تلك الصفحات الافتراضية بمدعي العلم والثقافة والفكر النير، من فلاسفة ومنظرين لا قبل للتاريخ البشري بعبقريتهم، ولا ننسى هنا بطبيعة الحال شهادات الدكتوراه التي تمنح لهؤلاء يمنة و يسرة، حتى يخال للمرء بأن نيل شهادة الدكتوراه أصبحت أسهل من نيل شهادة حسن سلوك من مختار (أم الطنافس الفوقا). و عطفاً على عنوان نصيّ هذا، و الذي بسببه كتبت سطوري هذه هو متلازمة النفاق الاجتماعي الذي يستطير بلا هوادة على هذه الصفحات، فلا يبقي ولا يذر، و الغريب في الأمر أن الجميع يدرك حقيقة هذا النفاق و يسترسل فيه راغباً، راضياً. و هنا ندرك تماماً الحقيقة المتخفية خلف مصطلح (صداقة افتراضية(،وفي جولة سريعة على ما يكتبه السواد الأعظم من أبناء مجتمعنا غير القارئ و غير المثقف في الغالب، نجد أن شخصاً لم ينه المرحلة الإعدادية يكتب في علوم الاجتماع. و تلك التي لا تتقن كتابة خمس كلمات باللغة العربية من دون أن تنسف أبسط قواعد الإملاء نجدها تكتب في الفلسفة كما علوم النفس و الاجتماع. فلا نملك إلا أن نسأل الله جل جلاله اللطف في قضائه بكرة و عشياً. و لن ننسى في مقامنا هذا أن الغالبية تعاني في كتاباتها (الفيسبوكية) من جور الزمان و غدر الأصدقاء، ممن تخلّوا عنهم و عن تفانيهم و أرواحهم المعطاءة عند أول هجمة لبعوض الصيف. وفي حضرة هؤلاء المغدورين، الأوفياء، من أصحاب القلوب النقية و النوايا الصافية، يكاد قلبك ينفطر على هذا الجيش العرمرم من المعذبين في الأرض. كيف يمكن لأصحاب هذا النفاق أن يتقنوه إلى هذه الدرجة المقززة؟! كيف يمكن لهؤلاء الكذبة أن يدعون ما ليس فيهم أو في غيرهم، فيصدقون ما يكذبون؟! وغيرهم ممن يسرقون كلاماً من هنا و هناك بدم بارد، و غيرهم و غيرهم. و تطول قائمة الكذبة و المنافقين و المرائين الذين أهلكوا أيامنا بترهاتهم و انحطاطهم الفكري. ولولا بعض الأصدقاء الرائعين فيما يكتبون، المترفعين عن هذه الدونية لكنا رفعنا عريضة ممهورة بختم المختار (عبد السلام البيسة) إلى جناب السيد (مارك زوكربيرغ) مالك الفيس بوك و غيره من مواقع التواصل، مطالبين سعادته بتغيير اسمها إلى وسائل النفاق الاجتماعي. ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. عشتم وعاش الرقي في كل فعل أو ما يلفظ من قول و لكم فيه رقيب عتيد.
نور محمد حاتم