مواهب الأطفال.. فسحة للفائدة والمتعة والمعرفة

الوحدة 18-2-2021

 

 

 تمثل الموهبة لغة للتناغم والانسجام بين الإنسان وعالمه الخارجي وكل ما يحيط به ويتحاور معه فهي نوع من التخاطب مع العالم الذي لا تقسمه الحدود ولا تحده المسافات، وهي لغة التواصل التي بإمكانها ترجمة مختلف الأحاسيس والمشاعر مهما كانت لغة من يمتلكها، ويمكننا القول إن المواهب عموماً تؤهل الفرد للإنجاز الرائع والمبدع وتساهم بشكل فعال في بناء الشخصية والسلوك الإنساني وتعالج بعض المشكلات التي تعترض هذا البناء بشكل سليم، وهذا ما أكدته الدراسات التربوية والاجتماعية في نتائجها.

فقد أبرزت بعضها أن استثمار الموسيقا أو الرياضة أو الرسم يعد من أبرز الطرق الحديثة في معرفة شخصية أطفالنا وسلوكهم إزاء مختلف المواقف الحياتية التي تعترضهم، وكثيرة هي النوادي والمؤسسات الاجتماعية التي باتت تأخذ على عاتقها هذه المهمة وتعتبرها من أولى أساسياتها في التعامل مع شريحة الأطفال خاصة ممن يرتادونها ولديهم مشكلة سلوكية أو جسدية إذ إن العلاج وحسب هذه الأساسيات لا يخلف أياً من الآثار السلبية الأخرى التي تتركها طرق العلاج التقليدية أو الطبية، فالمعالج أو المعلم هنا يأخذ دور الصديق والإنسان الذي يمتلك الخبرة والقدرات فيحاول الطفل تقليده والنظر إليه كقدوة مثالية تحاول نقل المهارات إليه بعيداً عن النصح أو الأوامر أو حتى نقل المعلومة المباشرة ومن ثم يحاول إظهار موهبته وتفريغ طاقاته في إحدى المجالات التي تستهويه في قرارة نفسه ولم يستطع التعبير عنها مسبقاً.

وهنا يأتي دور المؤسسات التربوية في تبني هذا النوع من التعليم أو العلاج كوسيلة تواصل مع أطفالنا – وإذا انتقلنا إلى أرض الواقع في مدارسنا وما يتبعها من ملحقات تربوية واجتماعية ممن يؤطر عنوانها العريض تحت بند الاهتمام بالطفل في جوانبه المتعددة – يبقى التساؤل: هل لدينا أرضية حقيقية تمهد لاتباع هذا الأسلوب من التعليم أو العلاج مع أطفالنا؟ وهل تتمتع مؤسساتنا التربوية بالكادر المؤهل للنهوض بهذه المهمة خاصة في ظل التهميش الواضح للحصص الدراسية في الموسيقا أو الرياضة أو الرسم واعتبارها من المواد المكملة للمنهاج المدرسي؟

 طبعاً الكلام هنا لا يقبل التعميم الكامل بل يمكن الإشارة إلى الدور الهام الذي يلعبه بعض مدرسي هذه المواد وأحياناً- باجتهاد شخصي منهم- في رفع سوية هذا النوع من الأنشطة داخل المدرسة وخارجها ممن يبدعون ويشاركون فعالياتهم وأنشطتهم مع طلابهم في شتى أنواع الفنون والرياضة ويتمنون تعميم تجاربهم واستثمارها بالشكل الأمثل تربوياً واجتماعياً لتكون فسحة للفائدة والمتعة والمعرفة وحتى العلاج لبعض الحالات من الأطفال والتي عبرت من خلال هذا النوع من الفعاليات عن مواهب متميزة ومتفوقة حتى على ذاتها عندما توفرت لها الظروف والبيئة التي استطاعت أن تستوعبها وتعمل بكل جهد على إطلاقها وتنميتها، ونحن بدورنا نضم صوتنا للمطالبة بالاستفادة من هذه الكوادر ومن مبادراتهم الفردية وتبنيها كأساس عملي في مناهجنا المدرسية وبذلك نكون قد حققنا الجانب المرجو من مهامنا التربوية والمتمثل في الحرص والسعي الدائم لتفريغ طاقات أطفالنا في أمور إيجابية ومثمرة.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار