في عالم الطفل… كيف نختار له الهدية المناسبة بمعناها وليس بقيمتها ؟

الوحدة 4-2-2021

انطلاقاً من مدلولها المعنوي والعاطفي الجميل، فإن للهدية الدور الكبير في التأثير الإيجابي على الطفل، فهي ذلك الرمز البسيط المعبر الذي يقيم جسوراً للمحبة، ويضفي جواً من المشاعر الإنسانية الصادقة خاصة بين الأهل والأبناء، وسواء كانت زهيدة الثمن أم غالية تبقى الهدية بادرة تحمل في طياتها الوسيلة التي تسمح للأهل بإيصال الكثير من المعاني الجميلة, كالحب والاهتمام والتشجيع، إلا أن العديد من الأهل يفضلون الابتعاد عن الهدايا التقليدية للأطفال نحو هدايا أكثر تفاعلية من الناحيتين التعليمية والتربوية, علماً أنه من الضروري مراعاة بعض المعايير لدى اختيار هدية الطفل, كأن تناسب عمره وتتوافق مع ميوله ورغباته…

عن معاني الهدية, و مدى تأثيرها في نفسية الطفل وقيمتها الإيجابية أو السلبية, كانت لـ (جريدة الوحدة) اللقاءات الآتية مع عدد من الأطفال..

– الصديقة جويل نعوم، الصف الثامن قالت: الهدية هي حالة إنسانية جميلة، نعبّر من خلالها عن محبة خالصة وشعور صادق تجاه الذي نهديه أو يهدينا، فالهدية تمدّ جسور صداقة نرغب لها أن تكون دائمة، يسودها الصدق والرغبة في تقويتها، لأنها شعور روحي صافي، يمنحنا السعادة، ربما تكون الهدية كتاباً، أو وردة، أو لوحة، أو لعبة صغيرة، وربما مجرد كرت معايدة عليه بعض العبارات، تشعرنا بقيمة العلاقة السامية، التي تجمعنا وتسعدنا.

– رأي آخر للصديق سنان صالح، الصف الثامن: يقولون إن الأولاد لا يقدّرون، ومطالبهم كثيرة، والمهم لديهم أنْ تلبّى مطالبهم، لا.. هذا الفهم خاطئ، نحن أبناء هذا الجيل، لدينا من الفهم والوعي والتقدير والإحساس ما يجعلنا نعرف، ما الذي نريده، وما الذي لا نريده، ألعاب كثيرة في السوق، وهي في غالبيتها صناعة تجارية، لا تدوم في أيدي الطفل أكثر من يوم، ويذهب ثمنها سدىً …. لذلك، الهدية بالنسبة لي ولإخوتي، شيء يخدم هواياتنا ويلبي احتياجاتنا الأساسية، وإن كان جميع الناس يحبون الهدايا ويفرحون بها..

– الصديقة نورا عاصي، الصف السابع قالت: أسمع أمي تردد دائماً أغلى هدية عندي، في الحياة هي أطفالي، وأنهم كلما اجتهدوا ونجحوا بتفوّق، أشعر بسعادة الدنيا الحقيقية، نحن هدية والدتي، وبالمقابل، اجتهادنا هو أغلى هدية لها، ونحن نحب أهلنا، ونتمنى أن نسعدهم، لذلك، فالهدايا لا تعنينا، إنما أغلى شيء عندنا، هو محبتهم ورعايتهم واهتمامهم بنا، ولا مانع من هدية صغيرة في أعياد ميلادنا، أو هدية يمكن أن تكون، للتعبير عن محبة متبادلة، تعادل كل هدايا العالم..

– عن شغفها بالهدايا والألعاب قالت الصديقة لانا الضرف، الصف السادس: أحب الألعاب كثيراً، وخاصة باربي، وكذلك الطابات الملونة، أكثر الهدايا تكون بعيد ميلادي، حيث أهلي، وأقاربي يغرقونني بالهدايا، ألعابي أضعها أمامي، كل يوم، بعد أن أنهي كتابة وظائفي ودروسي، وأتسلى معهم، ألعابي هي أصدقائي، حيث لا يوجد عندي إخوة ألعبُ معهم، أهتم بها، أرتبها، أحدّثها، أغني لها، وأنا أقوم بتشكيل ألعاب كثيرة من المكعبات وكذلك من خلال أوراق الكرتون الملونة، وأصنع منها ألعاباً وبأشكال كثيرة.

– وعن حبه للهدايا قال الصديق ربيع سعد، الصف السابع: أحب الهدايا، أفرح بها، تشعرني بمحبة أهلي الكبيرة لي، واهتمامهم بي.. آخر هدية كانت في عيد ميلادي، وقد علمني والدي على حب المطالعة، وهو يقدم لي هدايا، هي عبارة عن مجموعات قصصية ملونة للأطفال، وما زلت أحتفظ بالهدايا التي جمعتها، خلال سنوات سابقة، فهي تذكرني بالمناسبة، وبالناس الذين يحبونني، ويتذكرونني، بالهدايا المعبرة. وأحب أن أقول: إن الهدية بمعناها وليس بقيمتها.

– وعن معنى الهدية ومدلولها السامي قال الصديق أيهم عبد السلام، الصف الثامن: نعرف أن الهدايا ليست حصراً بالأطفال، فهناك هدايا يقدمها أهلي، كلما زاروا مريضاً، أو في مناسبات كثيرة، من أعراس، وأفراح، ونجاح في الدراسة، والتخرج من الجامعة، وحتى في الانتقال من بيت إلى بيت آخر، حتى أمي، في عيد ميلادها، نحن من يقدم لها الهدايا، لأنها هي كل شيء بالنسبة لنا. الهدية هي تعبير عن حالة محبة، تجمعنا بالآخر، وتلفت مدى اهتمامنا بالآخر، صديق…. أقارب.. أمي.. أبي.. جدتي.. الهدية ليست بقيمتها، إنما بما تقوله وتنقله من أحاسيس، ومشاعر، تجاه من نهديه أو يهدينا، نتلقى هدايا من جدي وجدتي ومن أقاربنا، في مناسبات وأعياد وبالأخص في موسم النتائج والجلاءات..

بقي للقول : من يريد أن يرى الفرح والسعادة فليتأملهما في عينيّ طفل يحتضن هديته بشغف فالهدية تمثل قيمة رمزية له تأخذ أهميتها من أهمية الشخص الذي أهداه إياها مهما كانت قيمتها المادية. لكن هل يمكن اعتماد الهدية كأسلوب تربوي؟ وهل ينبغي أن نشجع أطفالنا على العمل والجد من خلال الهدية؟ تقول الدراسات التربوية: إنه من المفروض أن يحصل الطفل على الهدية في أوقات معينة ومناسبات محددة، وخارج هذه الأوقات تفقد الهدية معناها الرمزي بالنسبة إلى الطفل الذي تعوّد على الحصول على الهدايا بشكل دائم ومن دون مناسبة خاصة، وبالتالي لا يعود يدرك قيمة الهدية وهدفها ومناسبتها، فالهدية هي متعة.. في البداية تكون أمنية ينتظرها الطفل مما يساعده على تعلم الصبر وأن ليس كل ما يتمناه يأتيه في الحال… وفي المفاجأة المصاحبة للهدية هناك الابتهاج والفرح، وهناك الخيال لأنه حتى لو لم يحصل على الهدية التي يرغب فيها، فإنه يتوقّع أن يحصل عليها في المرة المقبلة، فهل نوظف هذه الميزات التي توفرها لنا الهدايا في تعاملنا اليومي مع أطفالنا لتكون وسيلة فعالة من وسائل التشجيع لهم و الاهتمام بهم بالشكل الأمثل؟

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار