(دراسة تربوية ) الأهل.. ومسؤولية التفاعل الاجتماعي مع أطفالهم

الوحدة 4-2-2021

من خلال ملاحظتنا للواقع ولتجاربنا الشخصية مع أطفالنا يمكننا القول إن الوقت قد حان لاستدراك ما يمكننا معالجته من تعديل سلوكنا وتصرفاتنا مع أطفالنا كي ندير الدفة باتجاهها الصحيح ونعدل عن توجيههم بالاتجاه السيئ  في الكثير من المواقف التي تصادفهم في الحياة اليومية.

 هذا ما أوردته الباحثة، فيكتوريا برودي، وهي معالجة مهنية ولديّها سنوات من الخبرة مع الأطفال والأهل والمعلمين، من خلال دراسة أكاديمية لها أكدت فيها بأن الأطفال اليوم يصلون إلى المدرسة غير مهيئين عاطفياً كي يتعلموا، وهناك عوامل عديدة في أسلوب حياتنا تساهم في هذا: (فأطفالنا يصبحون بالتدريج أسوأ فأسوأ من نواحٍ كثيرة على مدار حياتي المهنية، لاحظت وأواصل ملاحظة انخفاض الأداء الاجتماعي العاطفي والمدرسي للأطفال وكذلك زيادة قوية في معدل الاضطرابات التعلمية ومشاكل أخرى، كما نعرف فالدماغ عضو قابل للتطويع وبفضل الظروف المحيطة نستطيع أن نجعله أقوى أو أضعف، أعتقد أنه، برغم كل نوايانا الحسنة، نحن ندرب دماغ أطفالنا في الاتجاه السيء) أما الأسباب التي عزت إليها الباحثة هذا التردي والانخفاض في الأداء الاجتماعي وفي الاضطرابات التعلمية فكان في مقدمتها التسلية بدون حدود التي نوفرها لأطفالنا فقد أوردت تحت هذا البند: (لقد خلقنا عالماً اصطناعياً مسلياً لأطفالنا، ليس هناك لحظة ضجر، في اللحظة التي يصبح فيها الجو هادئاً، نستعجل للترفيه عنهم من جديد، لأننا إذا لم نفعل هذا، نشعر أننا لا نقوم بواجبنا العائلي.، نحن نعيش في عالمين منفصلين، لديهم عالمهم –التسلية- ولدينا عالمنا –العمل-) لماذا لا يساعدوننا في الأعمال المنزلية؟ لماذا لا يرتبون ألعابهم ؟ هذه أعمال أساسية تدرب الدماغ على العمل تحت ضغط الضجر، وهي نفس العضلة التي ندربها لهم في المدرسة، عندما يصلون إلى المدرسة ويتوجب عليهم أن يكتبوا، يكون جوابهم هو لا أعرف. لماذا؟ لأن هذه العضلة تتشكل عن طريق العمل لا الترفيه، أما السبب الثاني فقد عزته الباحثة إلى التفاعل الاجتماعي المحدود: (ففي مجتمعنا المعاصر، نحن كلنا مشغولون لذلك نعطي أجهزة الكترونية لأطفالنا لنبقيهم مشغولين) كان الأطفال معتادين على اللعب في الخارج حيث كانوا يتعلمون في أجواء طبيعية وينمون مهاراتهم الاجتماعية، لسوء الحظ أن التكنولوجيا حلت محل اللعب في الهواء الطلق، كما أنها جعلت الأهل لا يتحملون مسؤولية التفاعل الاجتماعي مع أطفالهم. و بديهياً أن يتأخر أطفالنا فهذه الأجهزة ليست مؤهلة لمساعدتهم على تنمية مهاراتهم الاجتماعية، والسبب الثالث برأي الباحثة هو: (أن الأطفال يحصلون على كل شيء في اللحظة التي يريدونها، وهي ترى بأن إمكانية تأخر المكافأة هي إحدى العوامل الأساسية التي تلعب دوراً في نجاح أطفالنا في المستقبل) أما السبب الرابع في هذا التوجيه السيئ لأطفالنا فتراه الباحثة في التكنولوجيا: (فعندما يأتي الأطفال إلى المدرسة، فهم يتعاملون مع أصوات بشرية وتحفيزات بصرية مناسبة لعالمهم، بدل تعرضهم للتأثيرات الصوتية والضوئية التي تعودوا أن يروها على الشاشات، وبعد ساعات في العالم الافتراضي يجد الأطفال صعوبة أكثر فأكثر في معالجة المعلومات التي يتلقونها في الصفوف المدرسية لأن دماغهم اعتاد على مستويات عالية من التحفيز الذي تفرضه عليهم ألعاب التقنيات الحديثة، وبالتالي فإن عدم القدرة على معالجة المستويات الأدنى يجعل الأطفال ضعفاء في مواجهة التحديات المدرسية، وهنا يكون الحضور العاطفي للأهل هو الغذاء الرئيسي لدماغ الطفل لكن لسوء الحظ، نحن نحرم أطفالنا بالتدريج من هذا الغذاء ” . وخلصت الباحثة في نتائج بحثها إلى أن الأطفال باتوا يديرون العالم من خلال فرض سلوكياتهم على من حولهم وخصوصاً أسرتهم: ابني لا يحب الخضار،  إنها لا تحبّ النوم باكراً، لا تحب الألعاب وتحب الآي باد فقط … فهذه العبارات تتردد كثيراً في مجال عملها وتطرح الباحثة السؤال التالي: منذ متى كان الأطفال يفرضون علينا طريقة تربيتهم؟ فبدون نظام غذائي جيد ونوم كافٍ في الليل، سيصل أطفالنا إلى المدرسة وهم غير قادرين على الانتباه، بالإضافة إلى أننا نبعث لهم رسالة سيئة: إنهم يتعلمون أن يفعلوا ما يريدونه ولا يفعلون ما لا يريدونه، مفهوم الواجب غائب عندهمن لكن، لسوء الحظ، من أجل بلوغ أهدافنا في الحياة، يجب أن نقوم بما هو ضروري، وهذا ليس دائماً ما نريد أن نفعله، أطفالنا يعرفون جيداً ما يريدونه، لكن لديهم مشكلة في فعل ما هو ضروري لبلوغ هدفهم، وهذا نتيجته أهداف لا يمكن الوصول إليها مما يجعل أطفالكم خائبي الأمل في الحياة، فهل حان الوقت حقاً لدق أجراس الخطر إزاء الطرق والوسائل التي نتبعها في تربية أطفالنا ؟ وهل صحيح أننا وبالكثير من الأساليب والتصرفات التي نسلكها مع أطفالنا نوجههم في الاتجاه السيئ؟

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار