العـــــدد 9305
الثلاثــــــاء 5 آذار 2019
كنّا أطفالاً بعمر الورد، صباحَ ذلك اليوم الربيعي المشمس، تدافعنا إلى طاولة معلمة الصف في المرحلة الابتدائية، نقدم لها هدايانا بفرح بمناسبة عيد المعلم.
تلميذٌ واحد بقي في مقعده دون حراك، بدأنا ننظر إليه خلسة وكأنه اقترف ذنباً، ظلّ طوال اليوم خجولاً لأنه لم يقدم هدية للمعلمة، وفي اليوم التالي وعلى ما يبدو أنه استجدى أهله في شراء هدية اصطحبها معه إلى المدرسة وكانت الطامة الكبرى، حيث رفضت المعلمة استلام هديته بحجة أن عيد المعلم قد انقضى!
عاد إلى مقعده وكأنه (سيزيف) يدفع صخرته حائراً، لم يشاركنا أيّ نشاط في ذلك اليوم، بدا مهموماً ومثقلاً بالحزن وأكبر من عمره بأعوامٍ.. وفي نهاية الدوام قام بتصرّف فاجأ الجميع . . حيث انتزع غلاف الهديّة وفتحها، كانت علبة (سكاكر) ملوّنة لم يشأ إعادتها إلى المنزل مرة ثانية، أخذ يوزعها على الطلاب، لكن علامات الفرح بدت غائبة عن وجهه تماماً . .
كل عام . . أسترجع تفاصيل تلك الحادثة في ذاكرتي، ومع اقتراب عيد المعلم أشعر أننا بحاجة إلى إعادة صياغة مفهوم العيد في أذهان الكثيرين، وخصوصاً في ظل أزمة أرهقت جيوب كثيرٍ من الأهالي، وأصبحت الفروق المادية ذات تفاصيل موجعة وخصوصاً بين الأطفال . .
عسانا نكتفي بوردة، أو قصيدة، أو كلمة شكر حتى لو كانت مليئة بالأخطاء الإملائية والقواعديّة العفويّة، أو حتى علبة (سكاكر) بسيطة يتشارك جميع أبناء الصف الواحد في تذوق حلاوتها . .
عسانا نجسد مقولة (هدية معنوية) بمعناها الحقيقي دون أيّة إضافات أخرى ونترجم أقوالنا أفعالاً على المنابر التعليمية المقدّسة!
منى كامل الأطرش