الوحدة 22-12-2020
لطالما زرع أجدادنا القمح ومونوه وخزنوه في العنابر والخلايا الطينية، ولم يكن ليعطب أو يسوّس، كانت البركة تدب فيه منتقلة من الأيادي المباركة والقلوب المحبة والسواعد القوية، تناقلت الأجيال زراعته والاحتفاظ بأفضله كبذار للسنة القادمة، لذلك كان وجوده منبع الأمن والأمان للأسرة، منه وعليه عاشوا، من برغل وطحين وحنطة مقشورة، وحتى القشور كانت محط أمانيهم وأحلام نومهم لأنهم استخدموها في صنع وسائدهم.
واستمر الأمر ولكن بتراجع زراعته في منطقتنا كون الجميع اعتمد على الدولة في تأمينه كخبز ومنتجات أخرى، وبعد تعرضنا للحرب الكونية منذ عشر سنوات وسيطرة المجموعات الإرهابية على بعض مناطق زراعة القمح وجدنا أنفسنا بحاجة للتوسع في زراعة هذا المحصول الاستراتيجي الهام الذي يعتمد عليه الشعب بشكل كبير لتعزيز أمننا الغذائي، فما كان من الجهات المعنية إلا التوجه إلى الفلاحين والتأكيد عليهم بزراعة كل ما لديهم أو ما يتيسر لهم من مساحات مقدمة لهم -باعتقادها- كل التسهيلات والمستلزمات لزراعته، حيال ذلك قمنا بمراجعة الجهات المخولة بذلك فكانت البداية من الرابطة الفلاحية بجبلة حيث قال محمد حسن رئيس الرابطة: نحن مبدئياً كمنطقة ليس لدينا خطة للقمح وخطة زراعة القمح قليلة قياساً بالمناطق الأخرى وحتى تاريخه تمت زراعة ٧٠٠٠ دونم من مجمل الخطة البالغة ٨٢٠٠ دونم وحسب تعليمات رسمية تم صرف ١٥،٥ كغ سماد يوريا للدونم الواحد في حين يجب صرف سماد سوبر ثلاثي أيضاً لكنه غير متوفر حالياً، كما تم توزيع ٤ ليترات من المازوت لكل دونم وتم صرف نصف الكمية من السماد المتوفر فقط على أن يصرف النصف الآخر في شهر شباط حسب الخطة الزراعية والسماد المتوفر للمزارعين في حال فتح التوزيع للحمضيات والزيتون والزراعات الأخرى فإن كمية السماد لا تغطي سوى ٥% من الحاجة.
من جهة ثانية كانت إجابات رؤساء الجمعيات الفلاحية متباينة نوعاً ما، فمحمد أحمد رئيس جمعية بسطوير قال: تمت زراعة حوالى ٥٠ دونماً في القرية وزعنا ٥٠٠ كغ بذار (بالخمسة والعشرة كيلو للمزارع الواحد) وتم تزويد جرار زراعي بالقرية ب ٥٠ ليتراً من المازوت وأخذنا ٢٥٠ كيلو سوبر و ٣٠٠ كيلو يوريا وستة أكياس سماد ٢٦ نترات، وأضاف: نحن نعامل معاملة الفلاح في الجزيرة والمنطقة الشرقية وهناك الفلاح الواحد يزرع مساحة مقابل كل ما يزرع في الساحل وكل القوانين والنظم التي تنطبق عليه تنطبق علينا، وهذا ظلم.
نزار صالح رئيس جمعية الدالية: بلغت المساحات التي زرعت بالقمح لتاريخه حوالى ٥٠ دونماً وقدم للمزارع ٤ ليترات مازوت عن كل دونم ١٧ كغ بذار لكل دونم، لكن فرض تقديم تعهد على المزارع بتسليم المحصول للدولة جعل الكثيرين يعزفون عن استلام أي شيء من مستلزمات الزراعة إن كان من البذار أو السماد أو حتى المازوت وهم بنظرنا معذورون، لأن المساحات والحيازات هنا صغيرة وبالكاد المزارع يجني مؤونة بيته من البرغل والحنطة، إضافة لذلك صعوبة ومشقة العمل في أراضينا غير المخدمة بالطرق والتي نضطر إلى فلاحتها إما يدوياً وبأحسن الأحوال على الدواب- وحتى هذه تراجعت- لذلك فإذا ما حصل المزارع على كمية قمح فستكون بالنسبة له تعادل الذهب ولا تقدر بثمن ولن يتخلى عنها، لذلك كثيرون زرعوا لكن اعتمدوا على ما ادخروا من بذار من موسم سابق كما العادة، طالبنا بأن يتم التغاضي عن فرض التعهد بتسليم الموسم للدولة كون المساحات ضيقة وبالتالي الكميات المنتجة قليلة فكان الجواب بأن القانون عام وينطبق على الجميع.
وفي بتمانا ذكر فيصل ديبة رئيس الجمعية الفلاحية أنه تمت زراعة ٤٠ دونماً لتاريخه ولم نسلّم مازوت لأن القسائم لم تأت بعد، واستلمنا ٧٠٠ كغ بذار من المصرف الزراعي.
محسن عليا رئيس جمعية البرجان ذكر أن المساحات المزروعة لتاريخه وصلت إلى ١٩٠ دونما أي بزيادة أكثر من النصف عن العام الماضي وهذا طبقاً للتوجه العام بالتحول لزيادة المساحات المزروعة بالقمح، المزارعون لدينا أخذوا البذار من المصرف الزراعي وتم توزيع مادة المازوت بمعدل أربعة ليترات للدونم واستلمنا طناً واحداً و٤٥٠ كغ من سماد اليورياو٢طن من النترات ٢٦.
المزارع أحمد محمود قال: بغض النظر عما تقدمه لنا الدولة من مستلزمات نحن لم نترك زراعة القمح بكيفنا، بل ونعتبرها أساسية وأصيلة وتقليداً ثابتاً لكن في السنوات الأخيرة بات محصولنا ضحية الحيوانات البرية التي انتشرت بكثرة مثل القنفذ والخنزير والجرذان فآخر مرة زرعنا لم نحصل على كمية البذار كذلك غلاء أجور الفلاحة والسماد والدرّاسة وغيرها.
المزارع عبدالله أمون البرجان: هذا العام زرعت ٦دونمات طبعاً للمرة الأولى حسب التوجهات باتجاه زراعة القمح واستلمت البذار من المصرف وأعطوني المازوت والسماد طبعا مقابل تعهد بتسليم المحصول للدولة وطبعاً كانت كلفة فلاحة الدونم حوالى ١٤ ألف ليرة سورية لأنه يتوجب علينا فلاحة الأرض أكثر من مرة بالطول والعرض بالجرار ثم بالعزاقة.
كذلك المواطن مروان من البرجان قال: زرعت عشرة دونمات وهذه أول مرة بالنسبة لي، واستلمت المازوت والبذار والسماد باستثناء السوبر الثلاثي.
من خلال التواصل مع الفلاحين وجدنا ان كثيرين منهم كانوا يريدون زراعة القمح ولم يستطيعوا تأمين البذار ومنهم من عزف عن الزراعة بسبب زيادة تكاليف الفلاحة وتأمين السماد خاصة في ظل الأحوال المادية الصعبة ، كما وأن إلزام الفلاح بتعهد تسليم المحصول للدولة أيضا هذا الأمر جعل الكثيرين يعتمدون على مستلزمات الزراعة بطرقهم الخاصة.
آمنة يوسف