حروف الحب…

 

الوحدة 28-10-2020

 

ليس هناك أجمل من حالة الحب وإن كل نفس تهفو إلى جمال الحب ورنين حروفه،

وقد اهتم الكثيرون بدراسة الحب وتغنى الشعراء والأدباء بسحر الحب ومعانيه وأبدع الفنانون في رسم أجمل الصور والمنحوتات المتعلقة بالحب واهتم السينمائيون بقصص الحب ومغامراته وتطرق الفلاسفة لقضايا الحب ومشاكله المختلفة، وكل هذا يُؤكد أنه ليس هنالك أجمل من الحب فهو موضوع اللقاءات وحديث شتى السهرات وعنوان الاجتماعات ويبدو تاريخ الحب بمثابة تاريخ الإنسان والبشرية فقد رافق الناس عبر العصور وأثار عواطفهم وواكب طموحاتهم ولذا فإن قصائد الحب والغزل تشكل أهم ميادين الآداب العالمية شعراً ونثراً وقصة وأقوالاً وكذلك كُتب الأدب في وصف لسان حال جمال الحب ولوعته، ومن شبه المعلوم بأن الحب العذري يُعد نموذجاً رائعاً للحب المثالي ويجسد سمو هذه العاطفة الرائعة والنبيلة في جوانب إنسانيتها.

يُعتبر تاريخ الحب أطول التواريخ عمراً وأكثرها تنوعاً وأشدها جاذبية وأوسعها انتشاراً عبر مر العصور ويُعد الوفاء والإخلاص من أجمل خصائص الحب وأبرز عناوين هذه العاطفة الإنسانية النبيلة ضمن قصة خلق الكون والكائنات ونشوء شرارة الحب وحلم كل من الرجل والمرأة بفرحة اللقاء ورغبة البقاء، وقد اختلف معظم الباحثون في تعريف الحب وتحدثوا عنه بلغات شتى شعرية وأخلاقية واجتماعية وحتى صوفية ومن أبرز هذه التعاريف هي:

– الحب غبطة روحية تغمر قلوب المحبين وتشعرهم بسعادة غير محدودة.

– الحب شعور عاطفي يغزو القلب ويُسعده ويُفرح الفؤاد ويأسره.

– الحب إحساس بالإخلاص اللامحدود والوفاء اللامتناهي والإيثار المميز بالصدق.

– الحب ألف باء حكاية الحياة السعيدة ورباط مشوار العمر المقدس.

– الحب نعمة لكل مُحب في فراديس السعادة الأرضية.

كما أن للحب أنواعاً عديدة ودرجات مختلفة وبدايات متعددة وأحياناً طريفة فهناك الحب الإلهي عند الصوفيين والحب الأخلاقي عند العذريين وهناك أيضاً حب الذات والشهرة وحب المال والأعمال وحب الأسرة والوطن وحب الثقافة والأدب والفنون، وللحب علاماته المتميزة والتي تتجلى في أحاديث المُحب وملامح وجهه ونظراته وطبيعة تصرفاته كما أن غمر قلب المحب بعاطفة الحب الإنسانية تترك أثراً واضحاً في شخصيته وتعطي قوة متميزة تُولد القوة التي تساهم في تحقيق ما يعجز عن تحقيقه أقوى إرادة على دروب المستقبل المنشود وأروقة الغد المرغوب، ويُسجل للحب قيامه بدور الطبيب فقد قيل بأن كلمة حلوة وطيبة من حبيب أكثر فائدة وأعمق فعالية من علاج ألف طبيب لأن الصحة هي ائتلاف الأضداد بالحب.

يُسهم الحب في حسن الإعداد للزواج لأنه فردوسه وروضة سعادته وبعده يأتي الإنجاب وإعمار الأرض وكذلك إثارة الشعور بالسعادة والسرور في نواحي الحياة الزوجية والتمتع بجمالية الحياة الأخاذة والتي تُعتبر فن جميل يستحق تذوقه، وإذا كان الحب يبدأ غالباً من النظرة الأولى والسمع والإعجاب فإن إدمان الحديث عن المحبوب وتعمد الدنو منه وتتبع أخباره والسهر والقلق كل ذلك يُعبر عن دلالات الوقوع في عُمق شباكه وعلى المقلب الآخر فهناك عيوب مختلفة وجملة آفات قاتلة تقضي على الحب و تقتلعه من جذوره كسوء الظن والشك وكثرة المعاتبة والانفعال الشديد جداً والغيرة المرضية الزائدة، وتجدر الإشارة هنا إلى قول الحكماء بأن الحب يُجدد الحياة ويزيد طاقات الإبداع ويرفع مستوى العطاء الفكري والعلمي ويُقوي الثقة بالنفس لأنه طيف الحاضر إلى أفق المستقبل ورمز استمرارية الحياة ومفتاح سعادتها.              

ينشأ الحب مع الوعي الإنساني وتعاطف المرء مع الآخرين ولعل حُسن علاقة أي شاب مع أنثى ما ولطفه معها يُؤدي بطبيعة الحال عادة إلى الزواج منها أو ربما نتيجة ظروف ما تبقى العلاقة بينهما كشريط ذكريات عاطفية لا يمحوها تعاقب الأيام وانقضاء السنوات.

وبكل تأكيد فإن الجميع يُحبون نكهة الحياة السعيدة والجمال الباهر والحب الجارف وكل إنسان يحلم بأن يكون محبوباً وأن يُوَلد في الآخرين حب الحب بحرارته وشعلته ونوره وضيائه ووفائه، وإذا كان الحب يُجسد فعلاً الرغبة في التكاثر وبقاء النوع فإن الإنسانيين يحلمون بأن يرفرف علم الحب في كل مكان بأرجاء هذا العالم وأن ينعم كل الناس بالحب والسعادة والحياة الهانئة، ولا بد في هذا المقام من استعراض أجمل الحكم والأمثال التي توارثتها معظم الأجيال المتعاقبة في تعبيرها عن مدى الخبرة الإنسانية والتجربة العاطفية ومنها:

– الحب كنز يبحث عنه كل الناس.

– اللسان قلم الحب المعبر عن الفرح.

– الحب يوم ميلاد لحظات السعادة.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار