الوحدة:26-9-2024
شكّل الحديث الذي توجّه به السيد الرئيس بشار الأسد لأعضاء الحكومة الجديدة وقفةً متأنية واثقة، فيها مراجعة وكشف حساب لسياسات حكومات مضت، لم تحقق كل أهدافها لأسباب عدة…
ويُعتبر حديث السيد الرئيس أجندةً تأسيسية لمرحلة مقبلة يتطلع إليها الوطن والمواطن معاً… حيث ثمة أخطاء هنا، وثغرات هناك، يجب تلافيها، فقد نوه سيادته إلى أن أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة هي تحويل الآمال إلى حقائق تستند إلى الواقع، وأن تنتبه جيداً إلى عدم رفع سقف التوقعات لما فوق الممكن، وعدم تقديم وعود غير قابلة للتنفيذ، خاصة وأنّ مرجعية المواطن هي ماتقوله الحكومة وما تعِد به في البيان الوزاري، علماً أن العنوان الرئيسي هو التخفيف من وطأة الظروف عن المواطن، على أن تكون هذه الحكومة حكومة واقع وليست حكومة أحلام، فلا أحد يبحث عن السراب.
كما تناول حديث السيد الرئيس مع أعضاء الحكومة الجديدة العديد من النقاط التي هي غاية في الأهمية، منها:
مراجعة مشروع الإصلاح الإداري من الأساس، فهو، ورغم مرور 7 سنوات على إطلاقه، مازال مليئاً بالثغرات، وعلى الحكومة تبيان الأخطاء والوقوف على العثرات وعلاجها.
أيضأ التركيز على عملية أتمتة العمل الحكومي، أو مانسميه التحول الرقمي، وهو موضوع هام جداً بالنسبة للشفافية، ومكافحة الفساد، وتسهيل الأمور على المواطنين، وزيادة فاعلية العمل الحكومي، وأكد سيادته على ضرورة النظر لهذا القطاع كقطاع استثماري، خاصة وأنّ المواد الخام لهذا القطاع بالدرجة الأولى هي (العقول).
كما وجّه السيد الرئيس إلى ضرورة الابتعاد عن (سياسة الترقيع) واعتماد (سياسة التغيير)، وإذا تأخرنا بإحداث التغيير فسوف ندفع ثمناً أكبر.
كذلك التركيز والتطلع إلى قوانين متخصّصة بكل قطاع من القطاعات لتطوير عمل الدولة، مترافقاً مع الانتباه إلى حالة التداخل في الصلاحيات والمهام بين الوزارات، حيث مِن غير الواضح استبيان مَن يشارك الحكومة في اتخاذ القرارات.
وتناول السيد الرئيس حقيقةَ إمكانيات سورية المحدودة، ومايحيط بهذه الموارد المحدودة من ظروف مختلفة منها الحرب، مما جعلها أكثر محدودية، وأشار إلى أنّ مشكلتنا هي في إدارة هذه الموارد، مؤكداً أنه لا يمكن الاعتماد أو التعويل على الانفتاح الخارجي على سورية، لأنّ هذا الانفتاح هو ذو طابع سياسي، فحتى ماقبل الحرب، كان حجم الاستثمارات في سورية قليل جداً، لذلك علينا الاعتماد على أنفسنا ضمن سياسات قادرة على إدارة هذه الموارد..
كما لفت سيادتُه إلى قانون العاملين الأساسي الذي يعود إلى عقودٍ مِن الزمن، وينطلق جوهرُه من أنّ كل من يعمل في الدولة هو (عامل)، وهو قانون يناسب تلك المرحلة، لكن العالم تغيّر، ولايمكن تطوير الدولة بقانون واحد وإنما بعدة قوانين..قوانين متخصصة لكل قطاع من القطاعات.
ورغم خصوصية الحديث في محليته إلا أنّ سيادته، ومن منطلق عروبي وقومي وأخوي، لم ينسَ تذكير الوزارة بكل أعضائها بأولوية الوقوف مع أشقائنا في لبنان.
لقد كان حديثُ سيادة الرئيس بشار الأسد مع الحكومة الجديدة حديثاً واقعياً واستشرافياً، وضع من خلاله النقاط على الحروف في كثير من الأمور والضروريات الملحة ببعدها الاستراتيجي المحلي، والتي يجب معالجتها، وصولاً إلى المرحلة التي تكون فيها (ثنائية الوطن والمواطن الأزلية) بخير رغم كل الظروف الصعبة التي تحيط بنا محلياً وإقليمياً ودولياً.
رنا رئيف عمران