الوحدة: 27- 7- 2020
أطلقتُ نداءاتي في المدى، فجاءني الصدى عطشاً مثلما يعطش للندى المرعى.
كسّرني الرحيل، وظليّ يخاصم ظليِّ، فخبّأت صوتي في راحتيّ، وفرْرت إلى ذاكرتي أستنهض فيها ضلوع الفجر، رفّت نحلةٌ حول وجهي ظنّت حالمة أن وجهي يشبه زهرةً فوّاحة وأنها أرادت الرحيق، آهِ، ما أصعب الخيبة حين تلطم أحلامك، وتلتف حول خاصرتك؟!
×××
رجوتها أن تختصر نعاسها كي تمرّ أغنيتي ملفوفةً بمناديل الحداد، كان كل ما حولي يحبس أنفاسه، وحين أطلّ القرنفل بكتْ قطرةٌ من دمي..
×××
استيقظ بي حنيني، وراح ينثر بوحه المرتعش فوق أرصفة العزلة، ورأيت أيامي تتعرّى من زرقتها، ورأيت كيف راح الحلم يتعثّر بظلّه.
×××
على شرفتي يتثاءب الغمام، وثمة مركبٌ للحنين أعياه الانتظار، فرحتُ أرتّب أوراق ضياعي، وقد نزفتْ حقائبي من غربتها، وأخذت أنفاسي الهرمة تتصاعد عابرةً دروباً من هجير.
×××
على قارعة الليل شاخ صبري بين ضلوعي، فرحت ألملم أوجاعي وأفرشها على مدارج اللهفة، كانت دروبي كلّها مسيّجة بالصمت، ولا شغل ليديّ إلا مسح الحزن عن جبيني، والتوغّل في ظلال النسيان.
في الطريق إليكِ، خطف المجهول خطواتي، واحترقت زرقة المسافات.
وكان ثمة ضباب يلتحف لهاثي، وخيّل إليّ وكأنني أهيم في وحشةٍ من عراء، فأودعت قلقي نوافذ الغروب، وألبسته عباءة الغياب، ورأيتني أزفر دفعة كبيرة من الهواء، وأحسست بأن الزمن يعريّ ذاته ويرسل إليّ صورةً من بقايا طفولتي، ثم يشلحني على حوافي جب الفوّار، أصغو إلى سقسقة مائه ثم يلقي بي إلى ضفاف ساقية تدعى ياسين.
سيف الدين راعي