العــــــــــــــدد 9301
الأربعاء 27 شبــاط 2019
منذ سنين بدأ الجدل حول مؤثرات زمن العولمة، وكثر الخوض والنقاش في الأحاديث عن ذلك ومنعكساته، وما كان منه في مجالات الحياة المتنوعة: السياسة والثقافة والاجتماع والاقتصاد، وتسرّب ألوان من النشاط التي نعيشها تحت مسمّى العولمة، وما زاد في ذلك تطور وسائل التكنولوجيا العصرية وانتشارها الواسع والسريع، ومازالت الحوارات تجرى وتعقد اللقاءات وتقام الندوات سعياً إلى استدراك ولملمة انطباع عن مرحلة الشعور الوطني وتعزيز القيم التراثية الوطنية، لكن ما نفع ذلك ما دامت قد تلاشت واندثرت وأصبحت غارقة في غيبوبة دائمة لا وجود لها سوى في بعض صفحات الكتب التي تتحدث عنها وفي بعض أحاديث وأقوال لا تتعدى الشفاه فقط، لفظاً دون الفعل والتنفيذ.
لقد تغير الكثير الكثير في مجريات حياتنا اليومية في الملبس والمأكل والحديث والعلاقات والأساليب وفي مختلف النشاطات والأفعال.
يبدو أننا كحقل يانع مليء بالخيرات تبصره العين من وراء الزجاج، لكن الأيدي لا تصل إليه، أنبتناه بالجهد وعرق الكادحين وتضحيات الشهداء وعناء الجرحى والمتعبين، وجاء غير هؤلاء يجنون ويحصدون.. وقلنا: هكذا ذهب غاصب ودخيل وانتصرنا، غير أن مصاصي الدماء قابعون خلف الكواليس في المكاتب والدوائر وعلى الطرقات والمفارق وفي كل ركن من هذا الوطن في استنزاف قوت الشعب ومصادرة خيراته وإضعاف طاقاته بمختلف الشعارات والعناوين وتلوّن الوجوه.
لقد أصبحت جماهير الشعب بين نهب وصبر ترسم جراحاتها وتقرأ قصصها المخضبة وتكتب شعرها المر وتسمع (السمفونيات) عن تفسيرات القوانين وتعليماتها ونفاق الوعود وأقوال القوالين المخدرة التي اعتادت عليه حتى تأصل ذلك فأصبح يمارس كي لا يتهم الجمهور بقول الحقيقة.
بأي عين وأي لغة نتحدث عن هذا الكائن في هذا الوطن، كيف ومتى؟
بسام نوفل هيفا