الوحدة: 6- 7- 2020
طار الطفل من الفرح كعصفورٍ سعيدٍ, وهو يواصل اللعب, ارتفع البالون عالياً, وأنا أراقبه. وددت لو أستطيع الطيران كالبالون المسافر, لأعيده إلى صديقي. أعطيته بالوناً آخر، سمعت ضحكته وهو يتابع اللعب, تساءلت: (أيّ سعادةٍ؟ وأيّ فرحٍ؟).
مددت يدي إلى شجيرة وردٍ لأداعبها, فجرحتني أشواكها. سالت قطرات دمٍ من أصابعي. سرى الحزن في قلبي. شممت روائح عذبةً. نسيت الألم, وأحسست بالنشوة والمتعة. ما أروع رفيف الفرح في صدري!.
رأيت في إحدى المجلات, صورة أمٍّ سقط ابنها شهيداً, وسقى أرض الوطن بدمه. عيناها تشعان حباً وحناناً. تأملت صورة الأمّ وهمست:
(ما أعظمك يا صاحبة القلب الذي يضمّ أجمل شيءٍ في العالم! ما أعظمك امرأةً تحزن لأحزان الوطن وتفرح لأفراحه).
صحبني أبي لحضور مباراة بكرة القدم, أحرز فيها فريقنا الوطني أهدافاً, وانتصر على الفريق الآخر. غمرني السرور, وانصبّ الفرح في قلبي كأمواجٍ مندفعة, وصفّق الناس طويلاً. أطلقوا صيحات الابتهاج في الفضاء. طوّقني أبي بذراعيه. هتف و الابتسامة تعلو وجهه:
– هيه… الأفراح تنتقل كطيورٍ مسافرة.
وفي الطريق إلى البيت, شاهدت الناس في الشوارع مبتهجين سعداء بهذا الفوز, وكل يوم يحتضن قلبي أفراح الآخرين ومسراتهم..! إنّه صغير لكنه فسيحٌ كالسماء. عميق كالبحار ويتسع لكل العالم.
رسمت خريطة بلادي الحبيبة, لونت أنهارها المتدفقة وبحرها الأزرق, وغاباتها وبساتينها, وسهولها الخضراء. لونت صحراءها الصفراء وجبالها البنية. تأملت بلادي الجميلة. أحسست بحبٍّ كبيرٍ لها. أمسكت الخريطة الرائعة, وتمنيت أن أضعها في أعماق القلب.
عزيز نصّار