وقال البحر.. كأنّ العمر

الوحدة: 16- 6- 2020

 

سألتْني أمُّ البنين وقد رأتني أحمل صيْنيّةً وأمرُّ براحتي على كتفي برفقٍ وتودُّدٍ ماذا تفعل يا رجل؟!

فأجبتها! أنفض غبار السنين، أريد أن ألمهّا وأجمعها في وسادةٍ كما فعل “سيف الدولة”

إثر عودته من كلّ معركةٍ خاضها مع الروم، حتى جمع ما ملأ وسادةً أرادهم أن يسندوا رأسه عليها في نومه الأبدي..

ضحكتْ زوجتي وقالت: ذاك سيف الدولة الحمداني؟!

وأنا سيف الدين.. صمتت والدهشة تقمص رأسها، وتساءلت في نفسها: أصاب زوجي مَسٌّ؟ واقتنعت بما تصوّرتْهُ جنوناً..

قطعْتُ حيرْتها وقلت: يا امرأة.. لقد مرَّ ما مرَّ من عمري – وأنتِ خيرُ شاهدٍ – وأنا التحف الوحل شتاءً والقيظ صيفاً، لا يضنيني سهرٌ، ولا ينال مني تعبٌ، وكنتُ واحداً من العباد الذين أتقنوا عملهم بأمانةٍ وإخلاص، ولكن ما يدهشني هذا الجيل القادرُ على التسلّقِ بمهارة القرود، ودفن الرؤوس كالنعام، ومسح الجوخ كأحسن ما أنتجته عقول العلماء من أدوات المسح والتنظيف، لتريه بعد حينٍ متقلّداً أو متبوّئاً أو ممسكاً بمرافق القرارات الحاكمة.. وتابعتُ: يا امرأة لقد تغيّرت الأحوال، وأنشدْتُها:

كأنّ العمر أضحى بعضَ شأوٍ        تسابقْنا إليه بالسبابِ

يناهش بعضُنا بعْضاً لأمرٍ      يغطيّ نتْنهُ كلّ الروابي

فلا المعروف يلقى من جزاءٍ  ولا الإحسان يلقى من ثواب

وهبطت درجات بيتي مسرعاً، فنادتني: إلى أين؟

فأجبتها: إلى حيث تقودني قدماي..؟!

سيف الدين راعي

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار