الوحدة 10-6-2020
شهد قطاع التنظيم الحرفي انحساراً واضحاً غير مسبوق إدارياً وإنتاجياً، وذلك بسبب الخلل التنظيمي وفتح معظم الأسواق أمام السلع الخارجية وعجز المنتج المحلي عن المنافسة الجادة والعملية نظراً لتواضع المواصفات السلعية وغياب أغلب مستلزمات الإنتاج، وإذا كان تعزيز العملية الإنتاجية وتحسين الوضع المعيشي للحرفيين يتم عبر استيراد المواد الأولية للمنتج المحلي وتصدير الفائض السلعي ذي القيمة المضافة للخارج فإن طبيعة وحساسية المرحلة الراهنة تتطلب استصدار حزمة قرارات جريئة لتشجيع المنتج المحلي وتحفيز الصادرات من خلال مبادرات تضمن الاستمرار بالإنتاج وتأمين فرص عمل إضافية وفي مقدمة هذه الإجراءات إعادة الاعتبار للتنظيم الحرفي كونه يمثل القاعدة الإنتاجية الأعرض من خلال ترجمة التوجيهات الرسمية عملياً بدعم عمل المنشآت الصغيرة بالأفعال الجادة والملموسة على أرض الواقع.
ومع بقاء ممارسة المنشآت الحرفية لدورتها الإنتاجية بكل صلابة وجدية رغم كل الأوضاع السائدة، فتتطلب الظروف الراهنة في هذه الحالة مبادرات وطنية جدية تُذلل العقبات التي تعترض أداء التنظيم الحرفي في محرك العملية الإنتاجية من خلال تأمين مستلزمات العمل وتقديم التمويل والقروض الميسرة للعمل الحرفي وفتح قنوات تصريف لمنتجاته وتخفيض الضرائب المالية المفروضة، وأمام استحقاقات المرحلة الراهنة والمستقبلية وما تمثله المهن الحرفية من قوة عاملة خبيرة مساهمة اقتصادياً واجتماعياً في لوحة تنمية المجتمع فيبقى بارق الأمل بالمستقبل بتحول حقيقي في مسيرة الحرفيين عبر وضع خطط وبرامج تنفيذية لتحديث المنتج المحلي وتعزيز قدرته التنافسية في الداخل والخارج واعتماد التنظيم الحرفي كقوة اقتصادية واجتماعية مؤثرة واجتراح شتى الحلول المناسبة إدارياً للحصول على التراخيص المطلوبة ومالياً في تقديم مختلف القروض الميسرة لتشجيع ألوف الحرفيين الذين عزفوا عن العمل والإنتاج والتسويق وذلك لانتفاء قدرتهم على المنافسة في شتى الأسواق وصعوبة تأمين المواد الأولية اللازمة للإنتاج الحرفي.
يأتي الدور الأبرز على القيادات الحرفية بدءاً من الهيئات العامة للجمعيات الحرفية وقياداتها النقابية على مستوى كل محافظة بتكريس المبادرات الفردية التي تعزز الإنتاج وتؤمن المستلزمات الأساسية خاصة وأن هذا القطاع يشمل كل شيء بدءاً من حلاقة شعر الرأس إلى صناعة الأحذية كجانب خدمي، واقتصادياً في تعزيز الإنتاجية من النحاسيات والتحف والأيقونات بأشكالها وتصاميمها المختلفة وصنوف الأقمشة والألبسة والجلديات والمستلزمات الصناعية والهندسية لا سيما أن المرحلة القادمة هي مرحلة إعادة إعمار وتنطلق من مبدأ الاعتماد على الذات في ضوء حصار خارجي خانق وجائر، ولذلك فهل تسعى المرجعيات الرسمية لتعزيز الدور الحرفي وتقديم التسهيلات اللازمة والمناسبة لتأمين دورة الإنتاج بصناعة محلية وطنية تضمن بداية النهوض الاقتصادي المنشود.
د. بشار عيسى