وقال البحر.. أغنية المهد

الوحدة: 9- 6- 2020

 

يخامركَ شكٌ في معاني الطفولة والشيخوخة، ومعاني الرجاء، والرحيل الأبدي..

تنبثق أجمل الأطياف والصور، المدرسة، ساحة اللعب، غابة السنديان، وجوه أحبابك، رفاق طفولتك، أشجار التين والتوت وكروم العنب، تهوى أن تلتصق بحقول خضراء وارفة الظلال، تحب أن تبحث عن أسرار النباتات والأشجار والأزهار، تشتهي معرفة أسرار العصافير، والفراشات والصخور، والألوان، وحركة الفصول.

هنا يتشرب الجسد أشعة ساطعة دافئة، تفتقدها في بلاد الصقيع، هنا تفاح يختزن الشمس والرائحة الخاصة.

هنا أعناب متألقة، تمرّ امرأة تلقي تحية صوتها كأغنية عصفور، تثير اهتمامك وشغفك.

تهتف وبريق الفرح في عينيك: أنت هبة، أنت ابنتها لكِ ابتسامتُها ونظراتُها لكِ صوتها وخصلات شعرها السوداء.

دفعتك رغبة مسعورة إلى آخر العالم، أيها الرجل الهرم ما القضية التي تهب حياتك لها؟ هل تدري الآن أين تتوجه؟ تتذكر أن مهاجراً مات غريباً، فأحضر أهله من هناك حفنات تراب دفنوها في بلده، ما هذا البلد الذي يغادره أولاده ويستعيدهم في التوابيت من كل الجهات؟

تقول لك المرأة: أنت العم حسان، صورتك في بيتنا، وكانت أمي تذكرك كثيراً.

تضع يدها على كتفك، ما أحلى أن تحيا من أجل أناس تحبهم، ويحبونكَ وتساعدهم لتكون حياتهم أفضل وأكثر جمالاً، تدعوك ابنةُ عاشقةِ البنفسجِ لتزورها وتمنحك المحبة والبهجة من اللحظات الأولى.

تتذكر فقرك وكيف استدان أبوك ليعنيك على الرحيل بعد أن وجدت أبواب الرزق مسدودة في بلدك؟

هنا الأرض مختلفة، والمرأة مختلفة، هنا بريق العيون مختلف، وأعماق الناس مختلفة، تحس أنك شجرة حاولوا زرعها في تربة غير تربتها خلف البحار.

تتسلل من أحد البيوت أغنية هي الأغنية التي غنتها أمك وأنت في المهد.

عزيز نصّار

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار