الوحدة: 9- 6- 2020
حدثني جدّي عن أبيه عن جدّه قال: كنّا إذا زمهر الكانونان, نستدفئ بجمرات البلّوط والسنديان، ونقتات من الدوّام والقلاّم، نشرب من مزاريبنا, ونغفو على خوار بقراتنا ونفيق على صياح ديوكنا.
أمّا أنتم، أيها الجيل الآتي – واسمحوا لي- لستم على شيء من ذلك إلاّ أنكم تمشون على قدمين, وتزنون أموركم بمكيالين, ترون بعين عوراء, وتسمعون بأذن صمّاء،
لاهمّ ولا غمّ لكم، تأكلون وتشربون، وممّا كدّ آباؤكم تنفقون، حوّلتم اليسر عسراً وزدتم أهاليكم فقراً, وأمتموهم قهراً، وقلتم كلاماً يجلب الأسقام.
ساعةٌ أو ساعتين، نلهو بالقدمين، إن هي إلا مباراة تمحي معها الأوقات أو سحابة من دخان, تنسيك الهم والسلوان، يا أشباه الأبناء ولا أنباء هذا أمرٌ يسعد الأعداء،
وإن قيل لكم: اجتهدوا, احفظوا الدرس وكدّوا، كونوا للأجيال هداة, وللأوطان بناةٌ، ضجرتم ومللتم, وبالدرس والرب كفرتم.
أمس: للزمان، وفوق للمكان، وهذه النظرية كأنها الرزيّة, أما العلوم؟ فتجلب الهموم، ناهيك عن التاريخ والوطنية، فهما في الأصل أصل البليّة، يذكروننا بالأجداد, وما كان من أمجاد، ونحن قومٌ حضّرٌ, نفهم ما يقدّر.
أرأيتم في الرائي صورة لروائي, أو لشاعر فتان, يوقظ الأذهان أو عالم بالفضاء يفجر الأرض والسماء، يجوّل البدر أرضاً، ويمسك بالنجوم ولا يرضى..؟
هززت في غضب رأسي، وقلت: أجلدهم، وعن التلفزيون أبعدهم.
وتمثل لي الجلّنار، فضممت إلى صدري الأزهار, وعفوت عن الأشرار.
سيف الدين راعي