وقال البحر.. دوري الشتاء الهزيل

الوحدة: 4- 6- 2020

 

خضنا طويلاً في نهر السنين, وتعثرت دروب عيشنا الوعرة.. قطعنا سهولاً, وصعدنا جبالاً.. والنوم بين الحروف, وقت انطفاء فانوس الكاز, بعد نفاد كازه.. تقطعت أقدامنا على الدروب, وفاض علينا التعب, وكأننا كبرنا في العمر, وأخيراً حصلنا على الثانوية.. وصار اسمنا مسبوقاً.. ومقروناً بكلمة أستاذ.. ولم يعد أحد ما يناديني بـ (عود القصب) سوى أمي  التي كانت كلما سألتها عن طفولتي, وتقول لي: كم كنت تشبه عود القصب.. آه! يا ولدي كم خفت عليك أن تموت من شدة هزالك, لقد كنت أشبه بدوري الشتاء الهزيل.

×××

الربيع (كرنفال) الأرض.. كرنفالنا نحن أبناء زهرة الريح, وكل من يشبهوننا..

 في الربيع تتجدد المواويل, وتنطلق نايات الرعاة ويعلو العزف, وتصدح الحناجر..

 تتحلى الأرض بالثغاء والزيزان والزهور, وتغريد العصافير.. وبدء تفتح الينابيع, وهدير الشلالات والسواقي.. وكأن الجبال تطلق ضحكات عالية وراء قطعان الثلج الهارب.

 يمضي ربيع العمر سريعاً, ولا يعود  يتجدد كربيع الأرض… ونتذكر فقط نتذكر: وقت كنا نسرج بين الغابات, وفي السهول, وعلى أطراف السواقي … فوق أكتاف التلال.. على قمم الجبال .. ووقت نجوع نقتلع الهندباء وأقراص العنة, وكل ما يستساغ طعمه.. نمسحه بأكمامنا ونقضمه لننسى جوعنا.. نرقصُ ونلعب, ونضحك.. نتسابق في التزحلق على السفوح.. آه يا ليتك الأيام لو تعود؟.. ليتنا كالأرض كل سنة وموعدنا ربيع جديد.. آه! ما أبعد الّليت؟! وما أبعد تجدد ربيع الإنسان؟!

 بديع صقور

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار