الوحدة : 18-5-2020
يا لهذا القلب الّذي يخفق على عَجَلٍ وأنا بصحبة مَنْ أهوى أمشي على مَهَلٍ! ها نحن نسير معاً ولا أدري مَنْ يحمل مَنْ؟ تُراه العُمر يمضي بلا زمنٍ؟ وكلانا يعبر غابةَ الأيّام ويقلِّب دفاتر الذّكرى الّتي لم تزل حتّى يومنا تجعلنا نسرح في الحبّ كعاشقيْن ربّما مراهقين أو ربّما كعاشقيْنِ أقسما أنْ يبتدئ النّهار من عينيّ الحبيب.
هي الأيّام الّتي تُرافقنا في مشينا الّذي اتّخذناه سبيلاً ليكون النّهار أطول وربّما يمّحي الّليل كلّما كنّا سويّةً, وها هو الصّباح يُرسل عصافيره لترافقنا في مشوارنا اليوميّ فتزقزق فوق رؤوسنا تعزف لحنَ الحبّ الأزلي لنتمايل على وقع الصّدى حيث الغابة تمدّ الطّريق لعاشقيْنِ أدركا أنّ الحبَّ حكاية لا تنتهي , تلك الحكاية الّتي لا تدري أيّ الفصول هو البدء في كتابتها, وأيّ الفصول هو عقدتها, ولا بدّ أنْ نقول أنْ لا نهاية لحكاية الحبّ , فهو متأصّل في القلوب, ترويه الدّروب الّتي سلكها المحبّون, ونقشوا رسم القلوب فيها, بل كان الصّوت محفوظاً في الوجدان, ذا الوجدان الّذي يُحيي الحبيب تارةً ويُميته اشتياقاً ولوعةً تارةً أخرى, فالحبّ لا يشيخ ولا يهرم, وإذا كان لا بدّ من الموت فجميلٌ هو الموتُ عشقاً, ولكنْ أين سيُدفن العاشق الميت؟ إنّه مدفونٌ في عينيّ المحبوبة, فما زال العاشق يسعى أنْ يكون الصّورة الأخيرة في عينيّ المحبوبة, وأن تُغمضَ أجفانها على ذكرى تبعث الحياة.
ما أجمل سير العاشقينَ وهم يرون الزّمن أمامهم والأيّام ترميهم فوق أطياف قوس قزح, فيرتسم الفرح على وجوههم, وما أحيلاه ذاك العاشق الّذي يُبدّد الزّمن ويُبعثره فيرى الماضي حاضراً أمامه, كما يرى المستقبل حاضراً بين عينيه, لكنّه يشعر بكثيرٍ من الألم والحزن لأنّه ما كان بقرب الحبيب في ماضٍ لا يعترف بوجوده, ولا يجد له قيمة بلا حبيبٍ يملأ كونه ويمنحه معنى الوجود.
ما أطيبَ العيش وأنت معي! وما أحيلاه العمر إذ يصبح عمرين! فيا قلبُ كيف لكَ أن تكون والحبيب معي؟ نمشي والدّرب بنا تطول, والعمر يحلو, وأسأل نفسي: هل نحن والحبّ على عَجَلٍ أم أنّنا وإيّاه على مَهَلٍ؟
نعيم علي ميّا