منازلنا…

الوحدة : 19-4-2020

هي الحياة لا تكون حياةً إلاّ إذا كان هناك مَنْ نَحيا به ولأجله نقدّم الأسباب التي تجعلها جديرة بأنْ تُعاش ونطلق عليها اسم حياة, وما أجملَ أنْ يكون المرء حيّاً ولن يكون إلاّ إذا عرف أين تكمن وكيف السّبيل إلى ذلك.

أنْ يجد الإنسان نفسه فهذا ليس بالأمر السّهل أو الهيّن ولكنّه في ذات الوقت ليس بالأمر البعيد المنال أو المعقّد في المفهوم والتّرجمة, لا لشيء إلاّ لأنّه ببساطة: كلٌّ منّا باستطاعته أنْ يبني منزله ويجعله حافلاً بأسباب الحياة وبما يحبّ ويشتهي, وما هذه الأسباب سوى الأثاث الذي يملأ منازلنا, ذا الأثاث الذي يعبّر عن الإنسان خير تعبير من حيث كيف يفكّر, وكيف يرى الأشياء ومن أيّ منظور وزاوية, بل ما الغاية التي يسعى أنْ ينتهي إليها عبر هذه الوسيلة أو تلك, ولا أقصد هنا ما يُمكن أنْ يتبادر إلى الذّهن على وجه السّرعة أو التّسرّع بل إنّما أقصد ما يمكن لنا أنْ نزرعه ونجعله ركناً أساسيّاً مِنْ أركان المنزل حيث الحبّ والحياة وحيث الألفة مع الأشياء البسيطة التي هي مَكمَن جمال العمر وحلاوة العيش.

إنّ المرء العاقل هو مَنْ أدرك أنّ المنزل ليس بجدرانه التي ما أقسا الحياة فيها حين تكون باردة , وهو مَنْ أدرك أنّ الآخر هو الرّكن الأساس الذي يجب أنْ تُبنى عليه منازلنا وأنْ يكون هذا الآخر حاضراً في حياتنا وفي كلّ حين من الأحايين, وبهذا الآخر نحيا فنكون أسّاً حيناً وأساساً حيناً آخر , وعلى العاقل أنْ يَعيَ الحقيقة القائمة على مقدار التّناسُب بين الأسّ والأساس وحجم التّضاعفات والمضاعفات النّاتجة والتي تتوالد وتتكاثر إيجاباً طالما أنّ البناء كان على علاقة الودّ, فليس من المعقول أن يظنّ المرء أنّه بجدران منزله يستطيع أنْ يحيا لأنّ الحياة بذا الشّكل تكون معدومة ولن أقول بلا قيمة , ومَن منّا يريد أنْ يموت (والموت حقّ) فمصير الإنسان وقدره أنْ يحيا ولكن هنا السّؤال: كيف لنا أنْ نحيا ؟

إنّه لسؤال جديرٌ أنْ نبحث فيه ونجد الإجابة الصّحيحة لأنّ الجواب لن يكون إلاّ بداية الأسئلة التي تُطرح وعلينا أنْ نجعل كلَّ جوابٍ ركناً من أركان منازلنا, وهكذا هي الحياة نختارها ونصنعها , نبنيها بأيدينا بعد أنْ تعشّش فكرة الحياة في عقولنا وقد بذرَتْ بذرتُها في قلوبنا , لنجد أنفسنا مترجمين للحياة عبر أفعالنا التي ما هي إلاّ رسائل الحبّ للآخرين الذين هُم مَن يُعمِّر منازلنا فيجعلها عامرة بالأسباب, فمنازلنا ليست لنا بل لغيرنا, وفي الختام أقول: هي الحياة تحلو بالآخر وأتمنى للجميع أنْ يدرك أنّ الآخر لا يعني بالضّرورة حاجته لنا بل على العكس وجود الآخر إنّما يمثِّل حاجتنا له وللحياة. 

 نعيم علي ميّا

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار