السارق النبيل

الوحدة : 14-4-2020

وحين أركن لوحدتي، وأحتفي بعزلتي، يعربد في الألم، يجترني الوجع، أبدأ أنشج لروحي  ما تيسر لها من آهات البشر، وشهقات المحزونين المأزومين، راثياً ما فات من ألم وما سيأتي من أنين.

أبدأ نشيدي، بل نشيجي المتقطع كأنفاس ورجع صدى المتألمين المحرومين المحكومين بأمل الحياة التي تخلو مما ورثوه من قهر العالمين، حين أنزوي إلى ركني أكتب في دفتر أيامي: وجع الروح، الإنسان، أيا وجعي أما آن لك أن ترعوي؟

 أخط بقلمي، وهل القلم إلا لسان صدق، نوح فؤاد، توقيع وجد، ترقيع نفس تهيم وقد أتعبتها الأوجاع، زاحمتها غالباً، ركنت إليها، استوطنتها، رتقتها الأفراح حيناً قليلا، فغدا تصفيق الروح أملاً، وطلب انتعاش الفؤاد من سباته وبرودة نبضه أمنية، كما عاشق أسر لمحبوبته هامسا: حين تمرين بخاطري تجتازني القصيدة، يعبرني الفرح وأغدو كالفراشة التي ترقص على ألوان الربيع، وإن تأخر هذا الضيف إلا أنه لامحالة قادم، كما الولادة متعبة، نعم لكنها تهدي في الأخير الفرح، ويرقص الإيقاع سعيداً في الجهة اليسرى من الصدر.

في ركني القصي، وفي الممرات الضيقة التقاطيع، أيا أنت وقلبي الوجيع استحلفك بالنبض لا تغادر القصيدة، ابق في مهدها المزخرف بألوان قوس قزح، لا تهدأ، لا تتوقف، لا ترحل وتزد معك في ليالي السهر المتعبة أرقي إلى ما بعد الهزيع.

ابق نابضاً لا تعبأ بالصروف، راقص حروف شعري، وتوق حنيني، كما حديث المساءات في أول الصيف، وأول العناقيد، وهل أحلى من حديث المساء حينما  القلبان عاشقان، هذا ينبض بذاك، وذاك ينبض بهذا، وإنه لعمري همسك والمساء، هكذا أخبرها حين عبرته كومضة أو بارقة أمل تنجيه من وجعه القائم، مضيفاً:

 تقولين جمال العيون لص، وأنا أعلنها بالرغم من وجعي أني سأبرئ هذا السارق النبيل، ولن أسجنه بتهمة الاغتصاب الجميل..

خالد عارف حاج عثمان

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار