الوحدة:5-4-2020
تتنوع الفنون الإبداعية وتتشعب ويبقى المبدع ذلك الفارس الذي يمتطي صهوة جوادٍ فيشرق ويغرب بحرية لا يقيّده فيها مكان ولا يحطه زمان وقد قال بعضهم: المبدعون ورثة الأنبياء مع الإشارة إلى أن الإبداع لا يتوقف على جنس أدبي أو إبهارٍ علمي، فالإبداع هو الإبداع مهما اختلفت أثوابه وتعددت مجالاته وإذا كان الشعر ديوان العرب والشعراء هم أسياد الزمان والمكان في حقبة من حقب أدبنا العربي فإنَّ القصة هي نبض حياةٍ وصورة واقعٍ وديوان الناس البسطاء إن صحت العبارة ولعلَّ القارئ للقصة والمتابع لمبدعيها في هذا الزمان يدرك أهمية ما يقدم ويحسُّ بالقيمة والدور الذي تؤديه القصة في عصرنا هذا فهي تلامس شغف الإنسان وتصور واقعه وتنقل آهاته التي يبثها وترسم صورة لمعاناته التي يحسها، فنبض القصة هو نبض حياة، والقصصي الناجح هو ذلك المبدع الذي نجح في نقل صور الواقع ومنحها من روحه وفكره فسار النبض فيها، وقد نجح في هذه العمل عدد من مبدعينا على مرّ تاريخنا الحديث من أبرزهم عبد السلام العجيلي وكوليت خوري وحيدر حيدر.
وقد برز عدد من القاصين الشباب منهم القاص مهران سلوم ابن اللاذقية والبحر،
ولد في اللاذقية، ودرس وتتلمذ في مدارسها إلى أن انتقل إلى دراسة الشريعة الإسلامية في دمشق، لكنّه لم يجد نفسه في اختصاصه على الرغم من متعة هذا الاختصاص، فتحوّل إلى العمل الصحفيّ، وحاز العديد من الشهادات العلميّة في هذا المجال من أبرزها: المركز العربي المصري للثقافة، ونقابة المعلمين في جامعة تشرين ومؤسسة سوريين إيجابيين بالمطلق في دمشق..
كتب مهران القصة بأشكالها كافةً، وأبدع في مجالي القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً، حتى حاز الكثير من الجوائز على مستوى الوطن العربي، من هذه الجوائز: المركز التاسع للمسابقة العربية الكبرى للقصة القصيرة في العراق عن قصة (شر البلية ما يضحك) لعام 2018 م، المركز الثالث في رابطة بني هلال للأدب والثقافة المصرية عن قصة (اقتناء الله) لشهر أيار عام 2019 م، المركز الأول في موقع منارات الأدب والإبداع العربي عن قصة (مواطن درجة ممتازة) لعام 2020، والتي نقتبس منها: (إن كنت تريد مرضاة الله فعد إلى بلدتك، وانصر المظلوم واتقِ الله في أهلك وكن مثالاً طيباً ومتنفّذاً صادقاً عادلاً.
كانت وصايا حامد تخترق روح المتنفّذ قبل جسده عاش أياماً صعبة ودرساً من الدروس الربّانية في خلقه عاد إلى بلدته ومنذ ذلك اليوم والمتنفّذ قد تغيّر في كل شيء وحسّن سيرته في الأصقاع, كتب على باب منزله عند دخولك إليه.
أنا المتنفّذ الذي أصبح ماعزاً بدعاء المظلوم وأنا المتنفّذ الذي أصبح عادلاً بدعاء المظلوم).
أصدر مهران مجموعته القصصية الأولى، كانت بعنوان: الراقصة والشيخ، التي حصل من خلالها على مجموعة من الجوائز العربية حيث تنوعت قصصه بين الواقع والخيال وطرح فيها كثير من القضايا بأسلوب شيق ينمُّ على حالة إبداعٍ يمتلكه وقد بلغت ٢٤ قصة، كما أنَّه كتب القصة القصيرة جداً، وقد حصل على كثير من الجوائز منها: المركز الثاني في موقع بوابة أدباء المشرق لعام 2019 م
عن قصة (شهادة) التي يقول فيها: وضع نصبَ عينيهِ الهربَ، اتكلَ على اللهِ وعلى إيمانهِ، حفرَ خندقاً من زنزانتهِ إلى العالمِ الخارجيِّ بقي عشرَ سنواتٍ حتى وصلَ إلى ضالتهِ ، رماهم بأشلائهِ وهاجرَ إلى الله .
وحاز على المركز الثالث في منارات الأدب والإبداع لشهر أيلول من العام الفائت عن قصة (خيانةٌ متجددةٌ) التي يقول فيها: في تلكَ الصحراءِ رفعتْ زنوبيا شعارَها المقدسَ، لن تدخلوا الأرض التي باركتْها السماءُ إلا على أجسادِنا، تفقدتْ الرعيةَ في أسواقِ مدينتِها، رفعتْ هممَ جنودِها على أسوارِ مملكتِها، عادتْ إلى قصرِها لترى أورليانوس جالساً على عرشِها.
ولم يقتصر الإبداع عنده في مجال القصة بأنواعها بل اتجه إلى الكتابة الدرامية وساهم في كتابة مسلسلين دراميين الأول (صرخات تبحر في المدى) والثاني (عين الزيتونة) وهما قيد التسويق.
عمل مهران في مجال الدورات الإعلامية، وهو يشرف بشكل دوري على دورتي الإلقاء الصوتي، والإعداد الإعلامي، كما أنه يشرف على دورة كتابة السيناريو، وهي من الدورات القليلة على مستوى القطر.
تمتاز كتابات القاص مهران سلوم بالعفوية والسلاسة واللغة المطواعة والأفكار الغريبة التي تضع الملح على الجرح.
و يشتغل الآن على مجموعة قصصية ثانية بعنوان: أخوة السماء، والجدير بذكره أن الكاتب له مشاركات عدة على صعيد الكتابة المسرحية حيث كتب مجموعة من المسرحيات التي قُدمت على خشبة المسرح في سورية نذكر منها (حواء ولكن, الجيل الصاعد، فتيان الأنترنت، الصراع الأزلي).
نور محمد حاتم