الوحدة:5-4-2020
لم يكن يقوى على جرح برتقالة أو قطع خيط صدىً، ومع ذلك فقد نجح بتنظيم بطولة لسباقات الجري بين العشّاق، أي أن العداء فيها اجتاز لقاءات الحب ونال الدرجات الكافية، فأغلبهم كان كتلك الصبية التي عبّأت صدرها كلاماً شهياً مملوءاً بالحكايا، وحين اقترب ينبوع عطشها، حلّ الظلام، فقفلت راجعةً وهي تقول: سأسميك ضوءاً وسيماً، وربما (شروق).
لكن ما حدث هو تواري المتسابقين عن الأنظار قبيل خط النهاية، فسرعة التوقف لديها أخرجتهم عن السباق وتلاشت رؤياهم مثل نافذةٍ اشتدت خصومتها مع المشهد البعيد قبل القريب.
أمّا صاحب السباق فقد كان وحيداً مع كأس الفوز، كأشعار وقصص العشّاق، فهم تسابقوا في شعرهم، وسرعان ما ذهب هيامهم، وبقي الشعر وحده كهذه الكأس.
إنّ العشق كمحطات الفصول بعيداً عن السباق الذي هو كالهروب.
ما زالت الكأس بيده، وما زال يتلفت ويقول: أنا مثل نهرٍ لا يمكنه وقف الجريان مهما اتسعت جوانبه أو ضاقت، وأنا أيضاً مثل صقيعٍ يختبئ في الجسد ولا يظهر إلاّ عند اشتداد البرد .
هكذا هو الحب شراع قوي ينحني ليغسل قميصه، جاعلاً من الماء بوصلته، ومن ثمّ يسأل: هل (الحب) كالرصاص بين الحروب، أو عكس ذلك؟
أخشى ما أخشاه في تلك الأيام أن ينقلب الحب بحراً عتيقاً تآكلت أمواجه أو أن يصير فتاةً هدّها الشقاء، فنسيت كيف تتمايل وتنحني لخصرها.
أمّا ضفائرها التي كانت كأزهار النحل، لم يعد النحل آبهاً بها، فكل شيء صار معدنياً ؟!!
سمير عوض