العدد: 9554
الخميس : 19 آذار 2020
لؤي خضر هو أول مصور ضوئي أكاديمي سوري، من مواليد دمشق 1990 وعندما تتعانق الموهبة مع الدراسة الأكاديمية نحصل على حالة فنية فريدة لعضو في اتحاد الفنانين التشكيليين 2013 درس الفلسفة في الهند، وحصل على (4) شهادات تصوير فوتوغرافي (إعلاني، توثيقي، فني) من جامعة ميتشيغان، الولايات المتحدة الأمريكية، هو مثال للشاب المتحرر الآفاق ثقافياً، فلا حدود ولا قيود للتعمق في مجال التصوير الضوئي، ليكون مخلوقاً للتصوير، وليكون موقعه خلف الكاميرا غير محدود بأطر أو قوالب فكرية أكاديمية مسبقة، بل يفضل أن يكون صانعاً محترفاً حراً لما تريد عدسته أن تلتقط، وليغير مفهوم الصورة بين الأكاديمية الفنية والهواية العامة، له أربعة معارض فردية ثلاثة منها في اللاذقية والرابع في دمشق عام 2014 أما معارض اللاذقية الأول في عام 2013 ولأنه عشق اللاذقية وأهلها كان له مؤخراً في بداية آذار الجاري2020 معرضان الأول بعنوان (من الذاكرة) في دار الأسد يجسد فيها لؤي خضر تطور تجربته التصويرية ضمن (15) عملاً منوعاً لصور من ذاكرته تم تصويرها بين الهند وسورية وثاني معرض منذ أيام في فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في اللاذقية (نافذة على خمس سنوات من الضوء) فيها تنوّع التجربة بالتصوير ليتمازج مع الفن التشكيلي ولتكون الكاميرا معادلة للريشة في تجربة هذا الفنان المتمكن، ولتكون نافذة هي التجربة الأميز لأنها نقطة التقاء وتمازج بين الفن التشكيلي والتصوير الضوئي، استغلينا فرصة تواجد الفنان خضر في اللاذقية فكانت لنا معه هذه الدردشة.
* أنت أول تجربة أكاديمية سورية في مجال التصوير الضوئي، فكيف ترى واقعه اليوم؟
** التصوير الضوئي قبل عام1990 يختلف عما بعد 1990 لأنه قبل هذا التاريخ كان توثيقياً بامتياز، لكنه بعد هذا العام ارتقى وتطورات كثيرة مرت به، ارتقى لدرجة أخذ منحى الفن التشكيلي لتصير له مدارس (تصوير تجريدي، سوريالي، تعبيري) وبالنسبة لسورية، وبسبب قلة المصورين الأكاديميين لايزال هناك شح في مجال التصوير الضوئي إذ كان من ناحية المصورين المحترفين قلة الأكاديميين، وشحّ في معارض التصوير، وجهل عند أغلب من يحملون الكاميرات في مفاهيم الصورة وتحليلها أكاديمياً.
كثيرون، إن لم تكن الأغلبية، يحملون اليوم كاميرات فائقة الدقة في جولاتهم، فهل كل من حمل كاميرا مصور؟ المصور الفنان هو من يلتقط كال التفاصيل ويمزج معها إحساسه، لتنقل الحكاية مهما كانت هذا صحيح، صارت الكاميرا اليوم في متناول أيدي الأكثرية، وصار الناس يلتقطون كل ما يحتاجونه من صور بكاميراتهم الرقمية الخاصة وحتى هناك من الأشخاص الهواة لديهم أفخم وأهمّ الكاميرات، ويمكن لأيّ كان بكبسة زر جواله أو كاميرته أن يصور ما يشاء، إلا أن ذلك يبقى بعيداً كلّ البعد عن عالم الاحترافية وجمالية التصوير وتقنياته، فعالم التصوير له قواعده، أنواع الصور كثيرة، ولكل نوع من الصور الفنية سماته وخصائصه لا يمكن إلا للأكاديمي الدارس أن يتقنها من ناحية تكوين الصورة، والتعريض الضوئي، والتكوين الفني، وليس كيفما اتفق أو على الهامش، طبعاً من حق العامة صنع ذكرياتهم وصورهم بخصوصية ليحتفظوا فيها كنوع من أرشيف لهم، لأولادهم وعائلاتهم وأصدقائهم ولكن لعالم التصوير الاحترافي غايات واستخدامات أخرى للصور: سواء للتوثيق، للصحافة والإعلام، الدعاية والإعلان أو لتصميم المواقع، هناك صور عادية وصور محترفة وشتان بينهما.
* هل يمكن أن نعد فن التصوير الضوئي بسوية الفنون التشكيلية الأخرى؟
** نعم يمكننا اعتباره بنفس السوية، فكما للتشكيل أدواته من ريشة وألوان وإزميل ومطرقة و… إلخ، الكاميرا وتقنياتها وإعداداتها والبرامج المتعلقة بها كل أدوات يمكن للمصور الضوئي استخدامها متسلحاً بثقافته البصرية الفنية وخاصة عندما تكون أكاديمية مترافقة مع حبّ وموهبة، عندها يمكن أن تكون الحصيلة مصوراً ضوئياً فناناً محترفاً بامتياز، ومهما كانت الكاميرا متطورة، هو من يضيف لها.
* هل يمكن للمصور المحترف أن يخلق جمالية من بشاعة أو العكس؟
** نعم هذا ممكن، الفنان المصور قادر أن يخلق زوايا وجمالية لمكان بشع، ويمكن له أن يجمّل الصورة، الصورة اليوم هامة جداً ويمكن أن تستخدم كسلاح، ويمكن أن أروي حادثة على عجالة، أن إحدى الصحف الأميركية أصدرت عناوين عريضة، وتركت مكان الصورة فارغاً بالأبيض وكان ذلك بمثابة إعلان هام للناس ليدركوا أهمية الصورة، للأسف عندنا إدراك صحافي فقط لأهمية الصورة، ولكن على الجانب الفني ليس هناك اهتمام بالتصوير الضوئي، ولا بإقامة معارض له، وحتى الناس غير مهتمين به ولا بغيره من الفنون التشكيلية، فأغلب المعارض التي إن حصلت، لا يتعدى زوارها العشرات، ليس هناك اهتمام مؤسساتي لدعم التصوير الضوئي الذي يجب أن يأخذ حيزاً أكبر من الدعم والاهتمام على غرار بقية الفنون.
* إذاً في الصورة اليوم مجال كبير للغش بفضل برامج الكمبيوتر المختصة في هذا المجال؟
** نعم، هذه البرامج يمكن أن نشبهها بالريشة والأقلام، حيث أنها أداة من أدوات الفنان الضوئي يمكن استخدامها بمهارة عالية لإنتاج صور يرضى عنها الفنان تماماً، ولكن ليس من السهل استخدام هذه البرامج ولا احترافها، قد يكون التعديل ممكناً في بعض الصور العادية، ولكن في الصور التي تتبع لمدارس سوريالية أو تجريدية، فإنها تحتاج إلى عين أكاديمية ثاقبة أولاً وحرفية ومعرفة باستخدام برامج التعديل ثانياً، فمهمة التشكيليين في مجال التصوير الضوئي اليوم، أصبحت أكثر صعوبة للبحث بعمق لإبداعات تعبيرية وربما أخذ اتجاهات أكثر حداثة بالفن للانتصار على الصورة المباشرة، الكاميرا مهمة، فالخيل من خيّالها، ولكن الأهم صاحب الكاميرا وتمكنه من إعداداتها وملحقاتها.
* هل من تحضيرات جديدة في المستقبل القريب؟
**نعم، أحضر لمعرضين الأول في 14/6/2020 تحت عنوان Colorful سيضم أكثر من (40) عملاً ضوئياً بقياسات مختلفة، والثاني سيكون معرضاً صادماً بالأبيض والأسود وسيتناول فكرة الجسد العاري، وفيه تحد للجو العام وتأكيد على دور الفن في تحرير فكر الإنسان من التعصب والتعقيد، لأن كل شيء بالفن ممكن ولا حدود لبصيرة الفنان، وتناغماً مع عمل الخالق فلا يوجد زهرة واحدة فقط، بل الطبيعة تدهشنا دوماً لاستخدام ألوان وأشكال قد نعتقد أنها متناقضة أو غير مألوفة، وأتمنى الدعم لكل جيل الشباب المثقف، الواعي، المحبّ لوطنه والمهتم أولاً أن يكون مدعوماً ومنتشراً ومشهوراً في ذاكرة أهل بلده البصرية والفنية، والذاكرة السورية تهمني جداً، وأحبّ أن أكون جزءاً منها.
مهى الشريقي