لميس بلال: الكـــــاتب يخــــــلق عـــــالماً يناســــــبه بأدواتـــــــه

العدد : 9549
الخميس 12 آذار 2020

 

 

بين الرواية والقصة والشعر نسجت أفكارها فكانت البداية بطفولة مبدعة شجعتها على المضي في عالم الأدب، ليكون مخزونها من التجارب اليومية… الوحدة التقت الكاتبة لميس بلال وكان لنا الحوار الآتي:

* لنتحدث أولاً عن بداياتك كيف بدأت الكتابة وهل كانت البداية مع القصة أم الرواية أم الشعر؟
** بدأت بالكتابة في مرحلة مبكرة من العمر، كانت المدرسات في دروس اللغة العربية تلاحظنني، وتشجعنني، وكانت مواضيع التعبير التي أكتبها تنال قدراً كبيراً من المديح والإعجاب، وتمرر إلى جميع الصفوف، كنت محط إعجاب في جميع المواد، لكن في دروس اللغة التعبير، كيف أستطيع الشرح: كنت فوق التقييم إذا صح القول.
التقيت بالكاتب العزيز حنا مينه في مكتبة أبي، وقرأت بقايا صور، كما استعرت جميع روايات الأدب العالمي المترجمة من مكتبة المدرسة الثانوية حيث تعمل أمي أمينة مكتبة، وتابع والداي تشجيعي، وكنت أطلب مختلف أنواع الكتب، وأغيب في القراءة ساعات وساعات خلال العطل، وبدأت أكتب خواطر ومقطوعات عاطفية تناسب عمري، وفي سنتي الجامعية الأولى قررت أن أقابل حنا مينه، سعيت خلفه، ووجدته وكان آنذاك معاوناً لوزيرة الثقافة، قدّمت له دفتر خواطري، أظن أنه ضحك في سره حينها، لكنه شجعني كي أقرأ أكثر، من جديد يظهر حنا مينه في حياتي عندما تعلن وزارة الثقافة عن جائزة حنا مينه في القصة والرواية، وأبدأ بكتابة قصة، لتنتهي برواية هي روايتي الأولى (الزمن المؤنث) التي تقابل بترحاب وإعجاب من قبل الهيئة السورية للكتاب ويتم نشرها، هذا كله قبل أن أبدأ عملي في المركز الثقافي كما كتبت في دوريات ومجلات خلال دراستي الجامعية، واستلمت عدة مرات زاوية أسبوعية، كتبتها وحصدت شهرة جيدة في ذلك الحين، هذه بداياتي، أعتبر أنني بدأت روائية، والقصة كانت دائماً نشاطاً جانبياً، كأن تكوني عازفة بيانو، وتؤدين أغنية خلال العزف، القصة ليست مجالي الحقيقي، لكنني أكتب قصصاً جميلة، ومؤخّراً خضت مجال الشعر، وبدأت في القمة، فشاركت في برنامج أمير الشعراء الموسم الثامن، والآن أنا أحب جميع هذه التجليات ولا أفضل شكلاً على آخر، بشكل عام يكتب الكاتب من وحي تجاربه، من خبرته، يحاول أن يخلق عوالم تناسبه، بأدوات يملكها، رآها وعرفها بقصد أو بعارض الصدفة، من هنا أجد أحداث وتفاصيل رواياتي وقصصي.
* ما الشيء الذي يحرض الوحي لديك ويجعلك تكتبين؟
** الملهم في الكتابة ليس شخصاً، هو الشغف، التوق، الأفراح البشرية والأحزان كلها مجتمعة، التحولات الإنسانية الغرائبية، من موت وولادة، من نسيان وذاكرة، من حب وكره، المشاعر الإنسانية بحر كثيف صاخب، وفي الكتابة نحن نسبح أعمق، نحصل على الدر، واللؤلؤ، ونعود به إلى الشاطئ لنقدمه للقراء.
* ماذا عن الشعر كيف انتقلت من الرواية إلى الشعر؟
** لم أنتقل بشكل مادي إلى الشعر، فقد كان لدي شاعرة تسكن في جزءٍ مني، ما حدث أنني استخرجتها، وقدمت لها قلماً وورقاً، استعنت طبعاً بالخبراء لأكتب شعراً سليماً، فالشعر دقيق من ناحية القواعد، وعلى الأديب الناجح أن يهتم بجميع القواعد ليقدم أدباً رفيعاً، وهذا ما أحاول أن أفعله.
* ما الذي يزيد من مخزون الكاتب ويجعله أكثر إبداعاً؟
** مخزون الكاتب يزداد طبعاً بالقراءة، وبالعيش، فالتجارب هي النبع الأساسي لكل الأنشطة الفنية.
* منذ فترة نلتِ المركز الأول في القصة القصيرة لجائزة منى الشافعي عن قصة حول مرض الزهايمر بعنوان بين حرب وحبيبين هلا تحدثينا باختصار عن هذه القصة؟
** قرأت إعلان جائزة منى الشافعي في القصة القصيرة، وقد خصصوا جائزة خاصة لقصة حول موضوع الزهايمر، طبعاً كتبت القصة، دققتها وأرسلتها، وكان أن نلت المركز الأول، طبعاً مؤسسة منى الشافعي الثقافية مؤسسة محترمة وراقية، ومن المفيد جداً للأدباء أن يشاركوا في مسابقات، وأن يحصلوا على مردود ما، يسعدهم، لقد أسعدني الفوز جداً، أما عن القصة، فهي تتحدث عن امرأة تصاب بفقدان ذاكرة يلغي فترة ثلاثين سنة، ليتصل الزمن اليوم بأحداث الحرب وما يجري في دمشق، بما كان خلال الثمانينيات، عندما كانت شابة، وكان لها حبيب أول، تركها هرباً من الحرب، وعندما عاد، كانت الحرب بانتظاره، قصة متعددة المستويات وقد ألقيتها في مهرجان القصة القصيرة في المركز الثقافي العربي في بانياس.
* استناداً إلى طبيعة عملك في المركز الثقافي العربي في بانياس برأيك هل نستطيع القول بأن نشاطات المراكز الثقافية في مرحلة الاحتضار وذلك بسبب قلة الحضور وما دور المراكز هنا؟
** ما يخص المراكز الثقافية، فقد ضعف تأثيرها نتيجة انشغال الناس بالهم اليومي خلال سنوات الحرب والضيق الاقتصادي، إضافة إلى اعتماد هذه المراكز على ملء برامجها بأنشطة ليست جيدة دائماً، لكنها مطلوبة منها، لتحقيق عدد محدد بشكل شهري، الأمر الذي عمم السخافة، ورفع الخفيف، وزين القبيح، وهذا ما جعل المثقفين الحقيقيين ينكفئون ويختفون، كرهاً لما وصلت إليه حال المنابر.
* أعمالك؟
** روايتي الأولى بعنوان الزمن المؤنث، منشورات وزارة الثقافة2010، الرواية الثانية (إذا سوريا سألت) منشورات دار بعل 2014، ديوان شعر قيد الطباعة بعنوان (غيمة أعبر المدى)، رواية قيد الطباعة بعنوان البديل وزين.
أحبّ من قصائد زوجي الشاعر مجد إبراهيم جميعها، وهو شاعري المفضل، ومن قصائدي أحب قصيدة بعنوان (توق) ومنها:
سأسعى كما تسعى قلوب الأجنّة
ولو قلبت دنياي ظهر المجنّةِ
حنانيك يا دربي ففي النفس حسرة
لما تركت في كلّ آهٍ وأنّةِ
وفي الرّوح بعضٌ من سماءٍ فتيّةٍ
وفي البعض روحٌ من بحارٍ مسنّةِ
حنانيك.. هل تدري؟ وتهفو لواعجي
بأنّك ما أغنيت نفساً تمنّتِ
وأنّك فيما رحت قيّدت رحلتي
وأنّك فيما رمت أطلقت محنتي
وأسعى.. تناديني الرّؤى وتدينني
نهايات أسلافي وتلطم وجنتي

رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار