فرصــــة هاربــــة

العدد 9539
الخميس 27 شباط 2020

 

تعوّدت الّلقاء به كل يوم في مقهىً مجاورٍ لعملي، وككلّ مرّةٍ يسبقني بقوله: ما زلت أنتظر فرصتي، وأنا الذّي كنت أعلم جيّداً بأنّ تلك الفرصة ينتظرها منذ كان شابّاً يافعاً، إلى أن تهدّم فيه معظم جدار عمره.
آخر مرّة بادرته التحيّة وقلت له: المقهى بالنّسبة لك مقبرة للفرص، ومن المستحيل أن تحظى فرصة بالدخول إلى ذلك المكان، ولمّا كان الجوّ ماطراً، أشرت له بأن المطر يبشر بالخير، ولو تسرّب إليه لحلّت كارثة.
ابتسم وقال: أنت تعمل بلا فرصة، وستبقى فقيراً. أمّا أنا ففرصتي معي.
تمرُّ الأيام، ويلتقي بفتاة فرصته, فقاطعته بكلام واضح: أنت كالمشلول الذي ينتظر الخطوات من دون قدمين.
تغيّب عن المقهى لفترة، وانشغلنا لغيابه، وحين عاد من مشفاه، فاجأنا بقوله: لم أكن أُدركُ بأنّ تحت الدّروب دورباً أخرى يجب السّير عليها، وهي وحدها تحملنا إلى جذور الرّياح وضفاف السّفن المتعبة والأودية التي عملت من نفسها مهبطاً للسهول وللجبال، أمّا الرّبيع الذّي يجمع زهرة من هنا واخضراراً من هناك، فلا يعترف بالفرص، ولو جاءته زهرة بحجم المحيط.

سمير عوض

تصفح المزيد..
آخر الأخبار