العدد 9537
الثلاثاء 25 شباط 2020
تُعقد الدبكة على شكل حلقة مفتوحة في ساحة القرية حول الباطوس على ضوء نار لا تخمد حتى (صياح الديك) صباحاً والأنسام الليلية الهادئة تحمل إيقاعات الطبل وأنغام المزمار إلى أطراف القرى المجاورة وكما هو معروف (الليل بيودّي الصوت لبعيد) والشوباش لا ينقطع… بهذه الجمل والكلمات وثق المؤلف جميل سليمان الراهب وصفاً دقيقاً للدبكة أيام زمان وذلك في كتابه (سنجوان، إطلالة على الذاكرة) مشيراً إلى التفاصيل الاجتماعية المرافقة للدبكة ذات الحركات السريعة للأرجل من قبل الشباب والهادئة للكهول وذلك بأسلوب بديع نستطيع تخيله وكأنه لوحة حقيقية ماثلة أمام أعيننا حيث قال بدايةً: تقف الحركة (حركة الدبكة) عندما يستلم الأول (مقدمة الدبكة) شخص آخر الذي يدفع للطبال قطعاً من النقود ويظهرها جليّاً لتبيان مقدارها متباهياً هذه محبة بأبي.. فيردد الطبال (القرباطي) بصوت عالٍ شابوووش يابو.. ويتكرر ذلك أكثر من مرة والأسماء مختلفة منتقاة حسب رغبة راعي المقدمة الذي يختار حركة الدبكة التي يجيدها منها ذات الحركات السريعة للأرجل والأكتاف والمحببة من قبل الشباب ومنها الرزينة المناسبة للكهول.
ويتكرر الشابوش حيث تتراكم قطع النقود في جيوب الطبال وتكون الغلّة في النهاية مجزية بالإضافة إلى ما ينقده والد العريس أثناء المغادرة، وهؤلاء يكرّمون طيلة إقامتهم في بيت والد العريس الذي يخشى من التقصير تجاههم حيث ألسنتهم سليطة ينقلون ما يرونه أو يُعاملون به خارج الضيعة وهذا ما يتجنبه الجميع.. وختم المؤلف حديثه عن هذا الموضوع بالقول أن المتقدمين في السن يروون أن كثيراَ من المشاجرات كانت تحدث بسبب (المسك ع الأول) عندما تتعارض الأدوار مع الراغبين وتبدأ الملاسنة والمشاحنة ثم المشاجرة ويبدأ بوس الشوارب من قبل أهل العريس لتهدئة المشاعر، وقد ينتهي الموقف إلى تأجيل الدبكة لبعض الوقت، أو إلى اليوم التالي أو إلغائها عندما يتفجّر الدم من الرؤوس من وقع الهراوات، أو من الوجوه من شدة اللكمات وتلعب الحزازات العائلية الناتجة وتستيقظ في مثل هذه المناسبات والمواقف.
ندى كمال سلوم