اللاذقيــــة.. أغلــــب المباني القديمــــة يســــير نحــــو الاندثار!

العـــــدد 9536

الإثنين 24 شــــــباط 2020

 

الحفاظ على المدينة القديمة وعلى نسيجها الأثري تعمل عليه كافة الجهات المعنية بالموضوع وذلك لما له من طابع جميل وذاكرة وطن وحضارة وحكاية المدينة.
حول هذا الموضوع التقينا مدير الآثار والمتاحف إبراهيم خير بك الذي حدثنا بإسهاب عن المدينة القديمة، فقال إن المدينة القديمة تتمركز في قلب مدينة اللاذقية الحديثة، لم يبق من نسيجها المعماري القديم إلا القليل نظراً للأضرار التي تعرضت لها من عوامل طبيعية وبشرية، مثل الزلازل المتلاحقة التي أصابت المدينة عبر تاريخها الطويل، وفق ما أكدته المصادر التاريخية والوثائق الأثرية المكتشفة، إضافة إلى المناخ الذي لعب دوراً كبيراً في تخريب النسيج المعماري القديم للمدينة، مبيناً أن الرطوبة العالية والملوحة الشديدة أثرت سلباً على الحجر الرملي الذي كان يشكل أساس البناء في الحقب القديمة، وإن الإنسان لعب دوراً في تخريب النسيج المعماري القديم للمدينة عبر المخططات التنظيمية التي استهدفت مركز المدينة في الستينيات، وخربت جزراً سكنية بكامل نسيجها، ولم يبق منها اليوم إلا معالم متفرقة من أزقة وقناطر، وعدد من الجوامع والكنائس والخانات والأسواق، كما لفت إلى أن مدينة اللاذقية غير مسجلة أثرياً في المديرية العامة للأثار والمتاحف كباقي المدن المسجلة أثرياً منذ عشرات السنين وهي دمشق – حلب – حمص – حماة – بصرى الشام – جبلة – تدمر، وإن مدينة اللاذقية من المدن القديمة جداً في تأسيسها وقد عاصرت فترات تاريخية مختلفة، وهي تختلف عن المدن المهمة كدمشق وحلب بأنها لم تحظ بنصيب أوفر من الأبحاث والدراسات، لذلك حتى وقتنا هذا لدينا شح في المعلومات عن تاريخ تطور المدينة والسبب يعود إلى قلة التقنيات الأثرية داخل المدينة، ومن جهة أخرى أدى إلى اندثار أغلب المباني القديمة في المدينة على حساب التوسع العمراني، ونحن نعلم بأنه خلال مشاريع البناء وأعمال تجديد البنى التحتية ظهرت العديد من البقايا الأثرية التي تعود لفترات مختلفة لا سيما الفترات الكلاسيكية، إلا أن هذه البقايا لم توثق بالشكل المطلوب، وفقدنا المعلومات باستثناء تلك التي تم نشرها رغم أنها غير كافية.
الباحث الفرنسي جان سوفاجيه افترض مخططاً لمدينة اللاذقية في العصر الهلينسي والروماني بناء على المعلومات التي توفرت له ونجد ضمن المخطط الذي اقترحه بأنه مشابه للمدن الهلينسية الذي يأخذ شكل رقعة الشطرنج والشوارع المتعامدة وكان قد اقترح موقع المسرح وبعض الأبنية الأخرى، إلا أنها حتى الوقت الحاضر تبقى ضمن نطاق الفرضيات، فعلى سبيل المثال لا يزال موقع المسرح مجهولاً بالنسبة لنا باعتبار أنه لم تجرِ أي أعمال تنقيب في الموقع المفترض.
في السنوات الأخيرة حصلت بعض الاكتشافات الأثرية بين الفينة والأخرى بطريق الصدفة أثناء الحفر خلال تجديد البنى التحتية ومنها ما هو مرتبط بأعمال تنقيب كما في حديقة المتحف وقدمت نتائج الأعمال عناصر معمارية جديدة لم تكن معروفة ورغم قلة هذه العناصر إلا أنها مهمة بالنسبة لنا لنفهم حدود المدينة وتطورها عبر الزمن، هذا الأمر دعا إلى القيام بمشروع برنامج ADCGIS وإدخال كافة البيانات والمعلومات المتوفرة ضمن الخريطة لفهم توضع هذه العناصر ومدى ارتباطها وتوزعها مع بقية منشآت المدينة، ولا يزال حتى الآن هناك منطقة حماية للمدينة القديمة وهناك مخطط معتمد في محافظة اللاذقية والبلدية، وهذا المخطط متعارف عليه على أنه حدود المدينة القديمة ولكن عندما أدخلنا هذا المخطط على الخريطة العامة لمدينة اللاذقية وقارناه أيضاً مع المخطط المقترح من قبل الباحث سوفاجيه وجدنا بأنه لا يشكل حدوداً للمدينة القديمة وإنما ما تبقى منها.

فيما بعد قمنا بالبحث ضمن الأرشيف وأدخلنا المعلومات وأضفناها على الخريطة مع الإحداثيات الدقيقة فوجدنا بأن العديد من العناصر كانت مجهولة بالنسبة لنا وبالتالي قادنا ذلك إلى إعادة النظر بحدود المدينة القديمة وهذا العمل للمرة الأولى يجري في اللاذقية وهو يتطلب الكثير من الجهد.
الهدف من هذا المشروع هو إعادة تطور مخطط المدينة عبر الفترات الزمنية المختلفة، فنحن نحاول أن نعيد تصوره بناء على المكتشفات والمصادر التاريخية عبر كل فترة انطلاقاً من التأسيس وهي الفترة الهلينستية ومن ثم العصر الروماني والبيزنطي وأخيراً العصور الإسلامية.
وأضاف خير بك بأن اللاذقية تتميز ببعض المعالم الأثرية كالقوس الكبير كما تحوي على العديد من المباني الأثرية المسجلة أثرياً بمفردها مثل حوض الميناء القديم والقوس المربع الكبير أو قوس النصر وبقايا أعمدة معبد باخوس.

تشكيل لجنة لحماية المدينة القديمة
هذا ما حدثنا عنه المهندس ينال قنجراوي رئيس حماية المدينة القديمة في بلدية اللاذقية مهمة هذه اللجنة تطبيق قانون الآثار والقوانين الأخرى المتعلقة بحماية نسيج المدينة القديمة والحفاظ على مبانيها الأثرية، والأمر هو النظر في الطلبات التي يقدمها أصحاب العقارات الموجودة ضمن المدينة القديمة وذلك لتعديل الأوصاف والهدم ومنح رخص البناء المتعلقة بالمباني بعد الكشف على هذه العقارات فإن كانت هذه العقارات أثرية تؤهل مع المحافظة على الطابع الأثري وإن كانت غير قابلة للترميم تقوم اللجنة بإصدار قرار بإخلاء هذه المباني حفاظاً على سلامتهم، فيما إذا كانت هذه العقارات ليست أثرية لكنها ضمن المدينة القديمة يتم إعادة النظر بوضعها إما ترميمها أو إعادة بنائها من جديد.
وأضاف قنجراوي بأن التعاون يتم بشكل دائم مع مديرية الآثار والمتاحف وذلك من أجل التنسيق والحفاظ على النسيج الأثري للمدينة القديمة.

أميرة منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار