العدد : 9532
الثلاثاء : 18 شباط 2020
هدية للوطن للحب في معانيه مواسمٌ وأزمان، وفي طقوسه زركشاتٌ ملونة تجمع تأنّقها في سلال من العبق، ولأن الحب رسالة ونبل وغاية للإنسان في مرتجاه، ليشكّل هذا العالم في باقة من السموّ والعرفان، لكن السؤال الملحّ دائماً هو لماذا لم ينجح إنسان هذا الكوكب بنثر فوح الحب وبوحه على مدار الحياة؟!..
الإجابات عديدة ومديدة لكن ومع كلّ ما جرى ويجري على سطع هذا الكوكب، الحب باقٍ في القلب ينبض مع كل تنهيدة، يعانق في ترحاله، شقيق روحه المُلتقى أو غير المُلْتقى، لكن محط عينه وقلبه دائماً عند وطنه، السُّكنى والسكينة، التاريخ والأرض والمستقبل… تحت عنوان (عشق وطن) وفي يوم الحبّ كان للبوح موعدٌ آخر، حطّ قلبه عند هذا الوطن، سورية، فعانق الأفئدة في دفء من محبة وجمعتها باقة للحبيبة الأولى سورية رغم برودة الطقس وتساقط الثلوج، والكل شاخص إلى الأمل بأن تُذيب القلوب السورية الدافئة بِحبّها، هذا الثلج الاستثنائيّ العابر,
في طقس من التطهّر في اغتسال الروح… وفي تطهر ووفاء وصدق للحبيبة سورية، اجتمع لفيف من شعراء لسانها في ظهرية شعريّة نديّة الألق والأبجدية، حيث أقام ملتقى القرداحة ظهر الجمعة 14 شباط ظهرية ثقافية منوعة بعنوان (وطني عشقي ) في دار الأسد للثقافة بمشاركة كل من الشعراء: (عمار إبراهيم مرهج مدير الملتقى /سارة خيربك/منى الخضور /حسين صالح ملحم/ وفاء سليطين) بحضور الأستاذ ياسر صبوح مدير دار الأسد للثقافة باللاذقية وعدد من المهتمين بالشأن الثقافي وقد ركزت القصائد بمجملها على الجانب الوطني وانعكاس الانتصارات المتلاحقة لجيشنا الباطل على الناحية الثقافية والاجتماعية وتأثيرها في نفوس الشعراء والقراء على حد سواء.
وكان البدء مع عبير إسماعيل مقدمة الحفل حيث قالت في البداية: «وطني عشقي … دعني أٌحبك كما أشتهي، دعني أُحلق بفضائك الفيروزي، دعني أرسمك لوحة من نصر تلونه لنا بالفرح سواعد رجال جيشك الأسطوري ك م رغبت أن تكون قمري، وحولك الأنجم دعني أكتبك قصيدة مجد، مخلدة في سفر التاريخ، وأنتِ لاذقيتي دعيني أُغنيك، أغنية شجية بصوتي فيحلو كالمخمل دعيني أعيش معك ثورة عشق …فنشعل النار على موقد الفرح والخلاص دعيني أسمع صوتك ينادي، حناجر الشعراء لينساب سحر الاسم والحرف على مسامعنا كالضياء».
وتتابع اسماعيل كلمتها قائلة: «(اللاذقية خلاصة التاريخ المديد، ومختصرُ تاريخ البشريةِ على الأرض، إنها حضارة المتوسط الأولى، المدينة التي علّمت الدنيا الكتابة منذ بدأ الإنسان يتعلّم، صاحبة الفضل والريادة، وحاملة راية أوغاريت، عروس المتوسط، المدينة المتربعة عرش المدائن، المتلألئة على المتوسط، المدينة المتفرّدة، واللوحة الرائعة في معرض الزمن، المدينة التي قال فيها الشاعر بدوي الجبل:
سقى الله عند اللاذقية شاطئاً
مراحاً لأحلامي ومغنىً وملعبا
وأرضي ذرى الطود الأشم فطالما
تحدّى وسامى كل نجم وأتعبا
* ثم تتالى الشعر يبوح ويصدح على لسان الأدباء تعانق حروفهم وحناجرهم مدارات الحب والشغف والإيمان بالنصر على جرح نمرّ به.
* كما تخلل المهرجان عدة مداخلات ثقافية وتراثية بدأها الأستاذ برهان حيدر عن تاريخ الزجل وارتباطه الوثيق بالأرض السورية، تناولت كلمته الزجل في ما مضى وكيف كان يتم التغزل بين الفتاة والشاب عبر الأبيات الزجلية مثل الروزانا والتي هي بالأساس فتحة سقفية ضمن المنازل الريفية الطين والخشب والتي كانت مخصصة لحفظ الأعلاف، تلاه الباحث التاريخي والأديب الأستاذ حيدر نعيسة في مداخلة هامة عن الفروق الثقافية لمفهوم المناسبة بين الماضي والحاضر وختمت الظهرية مع الفنان وليد غزال بمقطوعة طربية من الزمن القديم، وختم المهرجان الشعري كما بُدِئ بالمحبة وعلى المحبة وفيما يأتي مقتطع من بعض ما أنشده الشعراء في ذاك المهرجان:
عمار ابراهيم مرهج وقصيدة (وطني) أنتَ العظيمُ مدى الأحقابِ يا وطني وكالسَّمــــــاءِ بقــــاءً دائـِــمَ الزَّمــــــنِ وأرضُـــكَ المجــدُ فيها شامــخٌ أبداً بالخيــــــــرِ مُمرِعَــــةٌ روحٌ علـى بـدنِ والنـُّــورُ شَـــــعَّ بنـــورِ اللهِ مُتَّصِـــلاً فَعَــمَّ أرجاءَنـا مــــن فيــــضِ مُمتَحِنِ يا قِبلةً وشعــوبُ الأرضِ تقصِدُهـــا أنتَ الحضــــارة للأمصـــارِ والمُــــدُنِ
الشاعرة سارة خيربيك من قصيدتها (خمر مخبوء بدناني): يا أجمل حب يسكنني نبضا ويعيش بوجداني يا حباً قد ملأ الدنيا أورق في حرفي وبياني يخطفني من بين ضلوعي يسحرني كملوك الجان من عينك تعزف أفراحي من بوحك تبدأ أزماني يا أروع لوحات الحب حيكت بأنامل فنان.
سلمى حلوم