الحبّ التـزام وليس حالة

العدد : 9532

الثلاثاء : 18 شباط 2020

 

ثمّة اختلافٌ واضحٌ بين أن تقول أنّك تحبّ وأن تقول أنّك معجب، إذْ يجب التمييز بين حالتي الإعجاب والحُبّ، فالحبُّ حالةٌ تفرض علينا الالتزام، هذا الالتزام النّابع من إعجاب و تطلّع نحو الأفضل والأجمل والأكمل (حسب الرّأي الشّخصيّ) الّذي يحمله لقاء الحبيب بالحبيب، هذا الالتزام الّذي لا تجده عند أشخاص كُثر قد تعيش معهم ولا تُبدي تجاههم أيّ نوع من الالتزام سوى التزام الأدب الاجتماعي من حيث السلوك العام والتعامل اليومي.
أمّا الالتزام النّابع من الحُبّ فإنّه يصل إلى مرحلة التّعلّق الّتي تفرض أن نُعطي لأنفسنا والآخرين فرصة وقناعة بأنّنا سنكون سعداء إذا ما التقينا هذا الحبيب وسنغفر له إذا ما عثر أو زلّ، وهذا لا يعني أن نُحبّ بالفرض أو الوعد بل إنّه حبُّ الحياة التي نرغب وهذا الحبّ الّذي لا يمكن أن يجعلك تقول غير ذلك، فلا مجال لأن تقول (لن أحبّك).
يبقى الحبّ الجسر الذي يعبره كل النّاس ولكن عندما يعبره المحبّون وكلّ منهم يسعى نحو الآخر ويتّجه إليه لا بدّ أن يكون حبّاً يجعلك تلتزم دون الإلزام، إذ ليس هناك من قانونٍ يفرض عليك كتابة الصّكّ القانوني والمحاسبة عليه ضمن قاعة المحكمة بأن تقول سأحبّك وإذا ما تمّ ذلك فحتماً يمكننا القول: إنّه لا حبّ عندئذٍ.
باختصار: إذا كان الالتزام في الحبّ هو القانون الذي ينصّه الشّخص فهذا يعني أنّه لا يحتاج إلى موافقة قانونية، والحبّ لا يرتبط بزواج أو لا زواج، لأنّه ليس رابطة عقدية ولا شرطاً جزائياً ضمن وثيقة، فلا تحديد ولا تقييد بل إنّه حالة إنسانيّة يعيشها الإنسان مع كل تفصيل حياتي يوميّ وفي مختلف مراحل العمر ولكلّ مرحلة إسقاطاتها الخاصّة.
عندما يكون المرء محبّاً فحكماً سيكون الالتزام جزءاً أساسياً من حياته، لأنّه يأتي بشكل طبيعي غير مخطط له فهو شعور يأتي بشكل طبيعي، لأنّك لست بحاجة لأنْ تخطّط وتقول: إنّك ستحبّ، كما لا يمكن لك أن تقول: إنّ الموت سيفرّقنا ولن يكون قادراً على أن يزيل الحبّ وهنا نقول: إنّه الشّعور بالحبّ الكامل.
ولأنّ المحبّ لا يفكّر بالغد لطالما يعيش اليوم الذي يجمعه بالحبيب فالمستقبل غير مرئي وهذه اللحظة التي تجمعهما إنّما تتحوّل من لحظة آنيّة إلى حياة أبديّة، والحبّ يعني أننا سنعيش معاً إلى الأبد وهو لغز موجود عندما يوجد يكون كل شيء كأنّه سماويّ، ومن دونه لا قيمة لشيء، وهنا لابدّ من القول: إنّ الحبّ التزام وليس حالة.

 

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار