العدد : 9532
الثلاثاء : 18 شباط 2020
تُرتكب في عالم الثقافة مخالفاتٌ عدّة، شبيهةٌ بالمخالفات المرورية والتجارية والسكنية ووو، ليس لناحية التّسمية فقط إنما أيضاً لناحية التفاصيل والعقوبات، حتّى أنّ بعضها يُجرّم أصحابها وتُتخذ بحقهم إجراءاتٌ قانونيةٌ صارمة، وتُفرض عليهم عقوباتٌ مشدّدة، هدفها الردع وإعادة الحقوق إلى أصحابها. لكنّ بعضها يبقى أسير الورق أو الجدران أو الكتمان، وينجو أصحابها من العقوبة، وتضيع الحقوق وتُنهب الملكية الفكرية دون رادعٍ أو وازعٍ من ضمير.
مؤخّراً كثرت حالات التعدّي والسرقة للممتلكات الفكرية والأدبية والثقافية، من الفكرة، إلى الاسم والعنوان، إلى حقوق التأليف والنشر، حتى الفنون لم تنجُ من هذه التعدّيات، بل طالها النهب والسرقات، كذلك حال بقية الآداب والعلوم… مؤخّراً روت لي إحدى الزميلات الأديبات عن تعرّض اسم ديوانها الأخير للسرقة، ورغم ضلوعها بالقانون وتفاصيله وأدقّ حيثياته، إلا أنها ترفض تقديم الشكوى ضد السّارق، كونها تعدّ نفسها في بداية مسيرتها الأدبية وقد يؤثّر هذا سلباً عليها وتكون له تداعياته اللاحقة، لكنها في الوقت ذاته حرصت على إخبار المسؤولين الثقافيين وإعلامهم بالجرم المرتكب بحقّها، فهل تنصفها الأيام القادمة بإجراءاتٍ رادعة؟
لا شكّ أنّ مثلها كثيرون، وقد نتفاجأ بمادةٍ إعلاميةٍ تحمل بصماتنا لكنها منسوبةٌ لغيرنا، وهذه سرقةٌ موصوفةٌ واضحةٌ للعيان، لكننا نخشى المسير في دوّامة ومتاهة الدفاع عن حقوقنا وملكياتنا الفكرية وملَكاتنا العلمية، وما يترتب علينا من خوض غمار السجالات والمناكفات الشفهية والفعلية.
ومن يطّلع على حقوق المؤلف والتشريعات المنصوص عليها في هذا الخصوص، يجد كم هي منصفة وعادلة! ولا تحتاج إلا قليلاً من الاطلاع والجرأة وإعلاء الصوت كي لا يتمادى السارقون والمعتدون في تجاوزاتهم وجرائمهم ولو كانت لا تحمل الطابع الجنائي، إلا أنها أشدّ إيلاماً ووقعاً في النفس والروح.
أنصفوا أنفسكم قبل أن تستجدوا إنصاف غيركم لجهودكم، وقدّسوا ما تخطّه أقلامكم وأناملكم، وضعوا المخرز في عين كلّ من تسوّل له نفسه سرقتكم ونهبكم، ولو فكرياً! واقتصّوا منهم وقاضوهم وإلا شاركتم في جلد أنفسكم بدلاً من إنصافها وإعادة الاعتبار إليها.
ريم جبيلي