العدد: 9529
الخميس 13-2-2020
ما أن أمسكت بالقلم لأخط زاويتي الأسبوعية حتى تساقطت عليه عشرات الصور، كلها مرت في ذهني وحاولت أن تقدم نفسها كأولوية وفعلاً هي أولويات لا يستطيع أحد أن يطمسها أو يقلل من وطأتها وكلها ذات مخالب حادة تلاحق أغلبنا حتى أسرّة نومنا، سمعت من خلال تلك الصور صوت الناس المبحوح وتأني به يقول: ألستم الإعلاميين لسان حالنا والناطق المفوض باسمنا؟ ألستم من نضع عندهم همومنا، ونرمي أوزانا على أمل عرضها ومن ثم معالجتها!
ماذا تقولون في تلك الأيام الشتائية الباردة التي تحالفت فيها الطبيعة من الحيتان والغيلان في الداخل والخارج؟
أعطيت لقلمي استراحة قصيرة كي أعيد ترتيب الأولويات وأختار من تلك المنغصات اليومية واحدة أكمل بها زاويتي ألحت عليّ فكرة البطاقة الغبية التي يسمونها ذكية، الذكاء ليس دائماً حالة إيجابية يُصرف لخير البشر ألم تسمعوا بالقنابل الذكية، والصواريخ الذكية، والحكومات الذكية والالكترونية؟
لا أعرف لماذا مددت يدي وفتحت هاتفي، تنقلت بسرعة بين عشرات المواقع والشبكات الإخبارية والصفحات أغلبها يعرض ثلوج الشتاء التي لونت الأرض بلون قلوب الفقراء والمحبين والعشاق.
صورة واحدة بددت في صدري برد الشتاء، ومعه الطاقة السلبية التي تمدنا بها تلك الأيام الضنينة بكل شيء أحسست معها بفيض من فرح واعتزاز، مجموعة من فرسان جيشنا يفترشون الثلج بأجسادهم العارية في رسالة تختصر كل عناوين التحدي، قد يتغير لون الأرض ولا يتغير ثباتهم أو تفتر عزائمهم، وهم في ساحات المواجهة يهزؤون بالثلج وبالبرد كما يهزؤون بالموت.
تذكرت ما كان قاله شاعرنا الكبير نزار قباني لأبطال تشرين:
هل تراها تحبني ميسون أم توهمت والنساء ظنون
ولنا موعد على جبل الشيخ كم الثلج دافئ وحنون
مشهد الأبطال وهم يفترشون الثلج ويلتحفون السماء قابضين على سلاحهم يلخّص كل عناوين البطولة والحب والدفء وأمام عظيم تضحياتهم وانتصاراتهم التي نتابعها تصغر كل الهموم وتتلاشى كل المطالب وكما دعت الأديبة غادة السمان إبان حرب تشرين إلى استنفار حملة الاقلام (وإن لم تكتبوا اليوم فلن تكتبوا أبداً) نحن مدعوون اليوم إلى ساحات المواجهة في إدلب وحلب حيث المعركة الكبرى التاريخ يعيد نفسه تماماً، وكما فعلها سيف الدولة الحمداني يفعلها جيشنا اليوم في مواجهة العثمانية المتصهينة وعلى الحالتين ينطبق قول المتنبي:
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أي جانبيك تميلُ
إبراهيم شعبان