العــــــــدد 9293
الأحــــــــد 17 شـــباط 2019
وزارة التربيــــــــــــــــــــة ومديرياتها، ومديرو المدارس، والجميع في الوطن يعرفون أن طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية غادروا المدرسة منذ بداية السنة الجديدة وتابعوا دراستهم معتمدين على الدروس الخصوصيــــة لقناعتهــم وقناعة أهاليهم أن المدرسة لن تقدّم لهم الفائدة المرجوة، والمدرسة تشجع الطلاب على هذا الاقتناع.
كيف ولماذا غادر الطلاب المدرسة؟! هو السؤال المفقود، وأكثر من ذلك، هو السؤال الذي تطمر فيه نعامة التربية رأسها بالرمل، وتعتقد أن الوضع طبيعي، وأن التعليم بخير، ونتائج الطلاب ستكون بخير، وسيقوم العاملون في مواقع التربية المتقدمة ممارسة فصاحتهم الخطابية على شاشات التربية وتقديم التهاني لأبنائهم الطلاب.
لا، أيها السادة، الوضع التربوي دراسة وامتحانات ليس طبيعياً، وهو مؤشر خطير على فشل المؤسسة التربية، وفشل العلاقة بين هذه المؤسسة والطالب، وفشل العلاقة بين المدرسة وذوي الطلاب الذين يرون أن مستقبلهم يرتبط بمستقبل أبنائهم وهم مستعدون لبيع أغلى ما لديهم في طريق الدروس الخصوصية من أجل حصول أولادهم على العلامات التي تؤهلهم لدخول فروع الجامعة المميزة.
لو كانت المدرسة تقوم بدورها كما كانت قبل عشر سنوات هل كان الطالب بحاجة إلى الدروس الخصوصية، كل مادة لها مدرس خصوصي؟
كثيرون يحضرون لأبنائهم مدرسين خصوصيين من الأول ابتدائي إلى الثانوية . .
هذا الوضع مأساوي . . ناقشت مرة وزير تربية أسبق حول المدرسة الرسمية،
قال كما قال من سبقه (أعلى العلامات هي في المدارس الرسمية)
وفي المدارس الخاصة يقولون ذلك وينشرون لافتات عليها صور طلابها المتفوقين كحالة إعلانية دعائية، وفي المدارس الخاصة والرسمية الطلاب يغادرون المدرسة قبل ستة أشهر من الامتحان، فمن أين جاءت علامات الطلبة من المدرسة أم من الدروس الخصوصية؟
الدروس الخصوصية بوضعها الراهن إخلال قبيح جداً في فرص التعليم، فالطالب المقتدر مالياً هو القادر على الحصول على الدروس الخصوصية وفي بيته وبالطريقة التي يرغبها، ولكن ماذا عن الطالب الفقير، فهو إما أن يعتمد على نفسه أو أن يحصل على دروس خصوصية في قاعات مزدحمة؟
المدرسة الرسمية التي كنا نعتز بها يا جهات التربية لم تعد للطالب الغني كما كانت وهو بغنى عنها.. ولم تعد للطالب الفقير وهو بحاجة لها . . وإصلاح التعليم بات غاية لا تدرك، ولن تدرك .
سليم عبود