معرض للخط العربي في ثقافي بانياس

الوحدة ـ رنا غانم

أقام قصر الثقافة في بانياس معرض للخط العربي للخطاط أحمد يوسف ليكون فرصة للتأمل في سحر الحرف العربي الذي ينبض بالأصالة والروح، صحيفة الوحدة التقت أحمد يوسف وحدثنا عن رحلته في تعلم الخط العربي قائلاً: بدأت رحلتي مع الخط العربي عام 2018، حيث مارست التدريب ذاتياً في المنزل قبل أن أبدأ بالتعلم عند الخطاط الراحل الأستاذ عبد الرحيم لولو لمدة تتراوح بين ثلاث وأربع سنوات حتى وفاته عام 2022، خلال هذه الفترة تدربت على خطي الرقعة والديواني، وبدأت بتأسيس المهارات الأولية في خط النسخ قبل أن أستكمل التدريب ذاتياً بعد وفاته، وأتقنت خط الديواني والرقعة، وحصلت على إجازتين في خط الديواني، وأسعى اليوم إلى تطوير بقية الخطوط.
المدرسة الفنية والتأثير المهني
وأوضح يوسف أن التأثير الأكبر في مسيرته يعود إلى أستاذه الراحل عبد الرحيم لولو، مشيراً إلى أن أقرب الخطوط إلى روحه هما خط الديواني وخط الإجازة لمرونتهما وتنوع جوازاتهما وكثرة انحناءاتهما الفنية، كما وضح أن خط الديواني خط غير مقيد بقواعد ثابتة، مما يفتح أمام المصمم مساحة واسعة للابتكار، ويشكل بيئة مثالية للتعبير البصري.
تنويعات الخط العربي
أشار يوسف إلى أن منظومة الخطوط العربية الأساسية تشمل: الرقعة – الديواني – الديواني الجلي – الفارسي – النسخ – الثلث – الثلث الجلي – الكوفي – الإجازة، ويبين أن خط الإجازة يمزج بين قواعد النسخ والثلث، بينما الديواني مشتق تاريخياً من الرقعة.
وأكد الخطاط يوسف أن إنتاجه الفني يعتمد على النصوص الدينية، ويعتبرها البيئة الأنسب لحفظ جمالية الخط العربي، مبرراً ذلك بأن الخط العربي أوجد أساساً لحفظ النص القرآني، كما يرى أن النصوص الشعرية تحتاج دقة إضافية لالتزامها بالوزن والقافية، مؤكداً أن الخط وجد أساسا لحفظ القرآن الكريم، مبيناً أن لوحات الكتابة المباشرة تحتاج من ساعة إلى ثلاث ساعات، أما اللوحات الفنية التفصيلية تحتاج إلى فترة تتراوح بين أسبوع وشهرين تبعاً للحجم وعدد المسودات.
وأكد يوسف أنه يتبع منهجاً تدريبياً يومياً صارماً، يخصص فيه صفحة بيضاء واحدة على الأقل للتمرين، ويعتبر أن الحروف المفردة تمثل أساس القواعد، وأن عودته للتدريب عليها ضرورة عندما يبتعد عن الكتابة لفترة.
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
وبين يوسف أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه محاكاة الخط العربي الأصيل خصوصاً خط الديواني، بسبب غياب النسب الثابتة وتنوع الانحناءات والجوازات، ويشير إلى أن النماذج الرقمية المتوفّرة حتى اليوم تفتقر إلى الروح الفنية والتوازن الحقيقي للحرف.
وأشار إلى أن تكرار الحروف داخل النصوص هو مصدر إلهام خصوصاً الحروف مثل النون والتاء والباء عندما تتكرر بشكل متتال، مما يمنحه فرصة لتوحيد الحجم وتكرار الإيقاع البصري لإنتاج لوحة ذات حضور جمالي قوي، موضحاً أنه يستخدم أنواعاً متعددة من الأحبار، منها الألماني، الياباني، الحبر العربي التقليدي، وفيما يتعلق بالأقلام يعتمد على القصب البلدي والقصب المستورد مثل القصب الهندام.
مراحل صناعة اللوحة
أما عن مراحل صناعة اللوحة فقال: تمر اللوحة بثلاث مراحل أساسية المسودة الأولى وهي تحديد أحجام الحروف وتوزيعها، ثم المسودة الثانية وفيها يتم ضبط هندسة النص على ورق شفاف مثل ورق الزبدة وتصحيح الانحرافات، ثم المسودة الثالثة النسخة النهائية قبل النقل إلى الورقة الأصلية، بعدها تنتقل اللوحة لمرحلة الكتابة النهائية الروتوش والحك بالمشرط لإزالة الزوائد.
ويعتمد في اختيار الألوان على طبيعة الورقة وخلفيتها، أما الكتابة على الورق المصنوع يدوياً  والمكون من ألياف الخشب والحرير والمغطى ببياض البيض والشبة  فتتم غالباً بالحبر الأسود لأنه الأنسب لهذا النوع من الورق، أكد أحمد أنه يعمل حالياً على مشروعه الأهم وهو كتابة نسخة كاملة من القرآن الكريم، وقد أنجز حتى الآن جزءاً من جزء عم.
وتابع الخطاط أحمد يوسف: إن الجمهور العام يقيم اللوحات كمنجز جمالي بصري، بينما يقدر الخطاطون وحدهم القيمة الفنية الحقيقية للعمل، أما من حيث التسويق فأكد أن المعارض الثقافية تشكل البيئة الأكثر فاعلية للحصول على طلبات جديدة، ومن وجهة نظره، «الفن لا يقدر بثمن»، لكن الأسعار العامة للوحات لدى الجمهور تتراوح بين 75 ألف و200 ألف تبعاً للحجم وتكاليف المواد والإطار.
وأكد أن المعرض له دور في تعريف الناس بقيمة الخط العربي وعادة تقام ورشات لتعريف الناس بالخط العربي وطريقة إخراج اللوحة ومن الضروري أن تضم المراكز هذه النشاطات بشكل دائم.
وأشار إلى أن غياب مؤسسات رسمية متخصصة بالخط العربي في سوريا مقارنة بدول مثل تركيا والعراق ومصر، ومايمنعه من تعليم الخط العربي هو ضعف خلفية الناس في الخط العربي وجهلهم بقيمته خاصة وأنه فن متوارث، وبعد التحرير افتتح مركز الرقيم في دمشق إحدى أهم المبادرات التي ظهرت مؤخراً لتعليم الخط وتوفير أدواته.
كلمة أخيرة للجيل الجديد
«أنصح الجيل الجديد بالعودة إلى الخط العربي باعتباره ثقافة وهوية، فهو فن توارثناه لأكثر من 1400 عام، ومن واجبنا الحفاظ عليه من النسيان، خصوصاً أن الخطاط حين يكتب آية أو نصاً عربياً أصيلاً يحمّل نفسه مسؤولية ثقافية وروحية في آن واحد» خاصة وأن من يهتم بهذا الفن لايتجاوز الخمس أشخاص في بانياس.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار