الوحدة- ندى كمال سلوم
“لو أنّ أشجار الزيتون تعرف الأيدي التي زرعتها، لأصبح زيتها دموعاً “.
بهذه المقولة الشهيرة عن شجرة الزيتون، نستهل مادّتنا هذه، محاولين تسليط الضوء على هذه الشجرة المباركة، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، والتي تحظى بتقديرٍ عظيم في وجدان الناس، فهي رمز السلام والحكمة والوئام منذ سالف الأزمان.
وبطبيعة الحال تتنوّع أشجار الزيتون وتختلف أصنافها، وقد أوضح المؤلف جميل سليمان الراهب هذا الموضوع في صفحات كتابه “سنجوان إطلالة على الذاكرة”.
فمنها الخضيري، الذي يعتبر من أجود الأنواع والأكثر انتشاراً والأعلى مردوداً، حيث يستخدم لصنع كبيس الزيتون ويسمى محلياً “المرصوص” فتُضرب الثمرة بقطعة من خشب أو حجر لتخرج منها مادة سائلة لزجة، وذلك للإسراع في تناولها مع وجبات الطعام بأقصر مدة ممكنة، واستُبدلت تلك الطريقة بآلة تسمى “كسّارة الزيتون”، وقد انتشرت لسهولة استخدامها ولأدائها العالي في تكسيرها للثمار، الأمر الذي وفّر الجهد والوقت، والنوع الثاني الذي أشار إليه المؤلف هو “الدرمليلي” أو ” تمر ليلي”وهي ذات حجم أكبر من بقية الأصناف، وتخرج منها في حال الضغط عليها مادة لزجة بلون أحمر غامق، يرجّح أنها أخذت هذا الاسم من لون السائل، وهذا النوع هو المناسب والأكثر جودة” للتعطين”.
“الصابع الزيني” هو النوع الثالث الذي ذكره المؤلف، مشيراً أن حبّاته طولانية الشكل، تشبه حبّات البلح المتوسط الحجم، ونسبته من الزيت جيدة، وحموضته متدنية ذات مذاق دسم ورائحته شبه عطرة.
أما “الدعيبلي” و “أبو شوكة”، فهما صنفان يشبهان الخضيري في العطاء والاستخدام، والنوع المسمى “الحريصوني” لا يصلح إلا للعصر، ويحتوي على نسبة عالية من الزيت ، أما “النوع البري” فغالباً ما يُهمل، ويُترك لضعف مردوده من الزيت.
وقدّم المؤلف شرحاً عن زراعة هذه الشجرة في المنطقة الساحلية، موضحاً أنها لا تحتاج للسقاية، حيث الأمطار توفر لها ما تحتاجه من الري، كما أنّ أوراقها وثمارها يستفيدان من الندى الليلي، وحتى جذورها الليفية التي تلامس سطح التربة على شكل شعيرات ناعمة تمتص قسماً منه، وكذلك الرطوبة العالية تساعدها على النمو كثيراً.
وتبقى شجرة الزيتون إرثاً غنياً بكل أبعاده وتفاصيله، ينبغي الحفاظ عليه وصونه وتنميته ورعايته لقيمته الغذائية الصحية،
ومن جهة أخرى للاستخدامات المتنوعة في الحياة كصناعة الصابون ومستحضرات التجميل.
