صناعـــــة ألبســــتنا الوطنيــــة بخــــير ولكــــن! غياب المنافسة الحقيقية لا يحسن الجودة ولا يخفض الأسعار
العدد: 9394
الأربعاء 24-7-2019
قبل صدور الدليل التطبيقي الإلكتروني الموحد لعام 2019، رفعت وزارة الاقتصاد الأسعار الإسترشادية للألبسة المستوردة ولتصبح /40/ دولاراً للكيلو غرام الواحد وبمعدل رسم جمركي يصل إلى 30 بالمائة من القيمة، مما صعّب على المستورد إدخال بضاعته إلى القطر ومنافسة المنتج المحلي، حيث تمّ ووفقاً لهذا الدليل منع استيراد الألبسة الجاهزة، من جميع المصادر حرصاً على الصناعة الوطنية وتشجيعاً لها كما تمّ حصر الاستيراد بمدخلات الإنتاج إلى الخيوط والأقمشة وهو الأمر الذي أدى إلى الإستئثار بالسوق المحلية من قبل بعض الصناعيين (احتكار) وهو ما رفع الأسعار بشكل جنوني نتيجة لاستغلال هؤلاء للدعم المقدم لهم من منع استيراد وإدخال مستلزمات الإنتاج بقيم معقولة رسوم مقبولة.
فصناعتنا الوطنية تعدّ بخير مقارنة مع السنوات الماضية رغم وجود المستورد الجديد والقديم (المهرب) وانقسمت البضاعة في السوق إلى عدة أنواع حسب جودتها وبأسعار رخيصة وينتشر على البسطات نوع سيّئ ونوع بجودة متوسطة وأسعار مقبولة لمعظم شرائح المجتمع ينشر في المحلات التجارية الشعبية في أسواق اللاذقية وبشوارع معروفة والنوع الثالث بضاعته ممتازة أي القطن الأصلي الذي تشتهر به سورية وله محلاته الخاصة التي تنادي به وأسعاره قد تصل إلى راتب كامل لقطعة واحدة، فالنخب الثالث والرابع ينتشر وبكثرة في أسواقنا وبأسعار رخيصة لنجد النخب الأول والثاني إمّا في قائمة التصدير أو محصور في (الماركات) والمحلات الفخمة، وكل مواطن يحكمه ما يملكه في جيبه ويتجه إلى ما يناسبه علماً أنّ هناك محلات تجارية لها علامة فارقة في السوق ولكنها تحمل نفس البضاعة والجودة في المحلات الأخرى وأسعارها مرتفعة جداً وللوصول إلى آراء بعض المواطنين في صناعتنا الوطنية كان لنا وقفتنا التالية والتي بدأ البحث فيها من ساحة الشيخضاهر مروراً بشارع العنابة وصولاً إلى شارع الأميركان.
المواطن: يحكمنا ما في جيوبنا
* السيدة ريم. ع تشتري بضاعتها من أحد محلات الشيخضاهر تقول: في هذا المحل أجد طلبي فالبضاعة متوسطة الجودة وليست غالية الثمن وتتناسب مع دخلي فلا طاقة لي على أسعار البضاعة الممتازة، فبعد حرب عشر سنوات الحمد لله يوجد لدينا بضاعة وطنية وبأنواع مختلفة.
* السيد أحمد يقول: بضاعتنا الوطنية ممتازة ولكن أسعار النخب الممتازة وحتى المتوسطة عالٍ جداً مما يدفعني للشراء إمّا من البالة أو المحلات التجارية البسيطة وبغضّ النظر عن الجودة، علماً أن هناك محلات عادية أسعارها تضاهي الصناعات الممتازة ولا أعرف السبب فلا بدّ من رقابة حقيقية، إضافة إلى أنّ كل شيء ارتفع مما حولنا وبقيت رواتب الموظفين على حالها ولم تعد رواتبنا تناسب مع ارتفاع أسعار السوق.
* إحدى السيدات عند بسطة في الشيخضاهر تقول: ما ينشر على هذه البسطة يناسب جيبي ويستر أطفالي فأسعار الطقم الولادي البسيط بين 850-1000 ليرة سورية ونوعه سيئ ولكن المهم (السترة).
* المعلمة فاتن. د: الجشع أعمى عيون الكم الأكبر من التجار والصناعيين فتكلفة القطعة تكون عادية تصل إلينا أضعافاً مضاعفة، وعلى ما يبدو نحن من يدفع الضرائب عن أصحاب المحلات ولذلك اتجه إلى المستورد الجديد (المهرب) لأضمن الجودة وبنفس السعر الغالي لبعض المحلات.
الماركات لها ناسها
توجهنا بعدها لشارع الأميركان حيث الوكالات والنار المشتعلة:
* المهندسة أحلام. أ: تقول هناك محلات ألبسة معروفة أتجه إليها مباشرة دون تردد وهي تلبي طلبي الجودة العالية ولو كانت أسعارها مرتفعة ولكن سعرها فيها وبجودتها وموديلها المميز، فقد أشتري ثلاث قطع من المحلات العادية حتى تضاهي قطعة واحدة من المحلات المرموقة.
* السيد رامي: يقول وصل سعر الطقم الرسمي الرجالي إلى 60 ألف ليرة وأكثر ولكنه مميز عن غيره ونوعيته ممتازة وماركته معروفة ونحن في مجتمع يركض وراء المظاهر من أين اشتريت؟ وبكم اشتريت؟ وفي النهاية كل إنسان يشتري من المكان الذي يناسب راتبه ومدخوله وبغض النظر عن الجودة.
* السيدة راميا تقول: أكبر دليل على أن البضاعة لا تستحق تلك المبالغ الضخمة التي يعلنون عنها هو التنزيلات الوهمية فتكون القطعة 20 ألف ليرة تصل بالتنزيلات إلى 12 ألف أو أقل أي بفارق 7-8 آلاف ليرة يوهم التاجر الزبون بالتخفيض لماذا؟ وهو يبقى رابحاً في النهاية أي أنّ الفوترة عنده ملغومة ولا بدّ من البحث في موضوع الفاتورة وآلية العمل بها وضبطها بشكل جدّي.
أصحاب المحلات الضرائب ثم الضرائب
وفي لقاء مع الطرف الآخر (أصحاب المحلات التجارية) كان لهم حديث آخر:
* التاجر أيمن . هـ: يقول في لغة السوق البقاء دائماً للجودة وبالمنافسة الحقيقة نرضي المستهلك وبالتالي تنخفض الأسعار بما يتناسب مع دخل المواطن، وكما يقال ( من يرضى بالقليل يعيش) فعندما تكون البضاعة منافسة ولها إقبال كبير يعني شراء أكبر فأقبل يربح قليل وأبيع أكثر وعند بيع كميات كبيرة أنا أغطي جميع ما أدفعه من ضرائب ويد عاملة، ويبقى لي هامش ربح وتعدّ صناعتنا الوطنية بخير مقارنة مع السنوات الماضية ولكن نحتاج إلى منافسة جدية بالنوع وبالسعر.
* صاحب محل لم يعرّف عن اسمه يقول لا بدّ من دراسة لمساواتنا بالبلدان المجاورة من إعفاءات ورسوم وضرائب فلا يمكن أن تدخل البضاعة اللبنانية مثلاً و(الكلام ليس محصوراً بالألبسة) وضرائبها أقل من ضرائبنا وبالتالي ينافسنا بقوة وقد يكسرنا.
* السيد عامر . م صاحب محل يقول: الضرائب لدينا ترتفع فجأة من دون سابق إنذار وبشكل عالٍ جداً وليس بالتدريج وأحياناً تكون الضرائب حسب العمل في المحل فكلما كثر البيع كثرت الضرائب، وبالنسبة لصناعتنا فأصبحت أنواع تختلف جودتها من نوع لآخر فلا يوجد في السوق قطن 100 بالمائة وأغلبها يدخل عليها خيط البوليستر المستورد ولكن يلعب موقع المحل والماركة والموديل في سعر القطعة، حتى قماش الجينز المستورد ليس جيداً فعلى أي أساس ترتفع أسعاره وتصل إلى 10آلاف ليرة فالجينز في السوق واحد ولكن تختلف كمية وسماكة الخيط فيه.
كما حاولنا التواصل مع أكثر من صاحب منشأة لإنتاج الألبسة الجاهزة والحصول على معلومات عن الإعفاءات والفاتورة وتكلفة الإنتاج وهامش الربح والضوابط التي تحكم السوق لكن دونما جدوى ولم يتجاوب معنا أحد ممن طرقنا أبوابهم باستثناء رجل أعمال واحد أوضح أنّ الصناعي لا إعفاءات له وأن أسباب الغلاء وارتفاع الأسعار وارتفاع أجور اليد العاملة وهبوط سعر الصرف أي (التذبذب في سعر الصرف) هناك تخوف من حالة عدم الاستقرار في سعر الصرف مشيراً إلى أنّ ضريبة البضائع المستوردة كمستلزمات إنتاج تختلف من مادة لأخرى، وتعدّ صناعتنا الوطنية من أهم الصناعات وتنافس الصناعات الأخرى بكل جدارة.
100 ضبط مخالفة بحق محلات الألبسة
وبالتواصل مع مدير التجارة الداخلية في اللاذقية م. إياد جديد أوضح لنا آلية تحديد الأسعار للألبسة بحيث يقدم صاحب المنتج لوزارة التجارة الداخلية بيانات الكلفة والتي تشمل دراسة سعرية كاملة لسعر القماش أو الخيط المستورد واليد العاملة وكل الثبوتيات التي تحتاجها الوزارة من سعر وكلفة ويضاف لها هامش الربح، مشيراً إلى أن دور حماية المستهلك يبرز من خلال طلب فواتير أو بيانات مصدقة أصولاً عن أي بضاعة في السوق فإذا كان المنتج محلي في المحافظة تتأكد دائرة الأسعار من القيمة الحقيقية للمادة المسعرة وإذا كان المنتج من المحافظات الأخرى يتم التراسل مع المحافظات الأخرى متابعة الفواتير من المصدر الذي خرجت منه وفي هذا الخصوص وتم ضبط خلال أسبوع فقط أكثر من 100 مخالفة لعدم حيازة فواتير وعدم تقديم بيان كلفة وعدم الإعلان عن الأسعار.
مستورد ومهرب
وعن النهاية لو لم تتعدد الأذواق لما نفذت البضائع ولكل نوع من البضائع توجد فئة من المجتمع لها في المرصاد تتناسب مع مدخولها واعتادت على نوعيتها وأصبح المستورد الجديد (المهرب) عرفٌ موجود في شوارعنا وفي وضح النهار وأسعاره تصل إلى نصف راتب للقطعة الواحدة، فكيف سنشجع بضاعتنا الوطنية ونخفض الأسعار؟ يا أصحاب الاختصاص فإمّا اسمحوا بالاستيراد أو اضبطوا الأسواق، وعند إصدار الفواتير تكمن كل الأسرار.
تغريد زيود