التشكيلية ليلى طه: نأمل لوطننا الحبيب أن يكون بأبهى صورة إبداعية

الوحدة: ٣١-١-٢٠٢٥
تمتلك إحساساً صادقاً ومرهفاً تترجمه عبر لوحاتها التشيكيلة بشفافية مطلقة، عاشقة للمفردة التراثية والألوان، لوحاتها تحمل بعداً خاصاً ينقلنا إلى عالم ساحر مؤثر ذات تناغم لوني لافت، والعناصر لديها تتحول وتزدحم لتملأ اللوحة بمفردات مكثفة تختزن بيئتها المشاهد البصرية والمفاهيم الروحية بلمسات حانية فيها من الدفء والسكينة والتفاؤل الشيء الكثير.
هي عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين بسوريا وعضو في بيت التشكيليين وجمعية أصدقاء الفن. أقامت معارض كثيرة فردية وأخرى جماعية داخل وخارج الإعلان، ولها مقتنيات في المتحف الحربي ومديرية الثقافة ووزارة الداخلية، ومقتنيات في كل من السعودية، مصر، بريطانيا، فرنسا، كندا، ألمانيا. إنها الفنانة التشكيلية ليلى طه، ومعها كان حوارنا الآتي: نلاحظ في لوحاتك هيمنة لثنائية الظل والنور، حتى في التفاصيل الصغيرة وصولاً إلى اللوحة الكاملة، فما هو مفهومك لهذه الثنائية؟
تعتمد اللوحة على الضوء ومصادره، وهي تكشف سر العتمة المنبثقة من زوايا مختلفة في تفاصيل اللوحة لإظهار روحانية المكان وحميمية الأشياء بهذا الوميض اللوني البرتقالي المشع في الفراغ الذي يهرب من ثقل البني المعتق ليعلن لحظة الانفجار.
وقد يكون الأمل والحلم لرؤية العالم الأكثر سلاماً ومحبة وإنسانية، وقد يعبر أيضاً عن التناقضات من وهج الضوء وانعكاس أشعة الشمس.
* المتتبع لأعمالك يلاحظ سيطرة المفاهيم الشرقية والروحية، فما تعليقك؟
تناولت في أعمالي واقعاً وراء المعاني، وهو معادل للروح من جهة وللعقل من جهة أخرى يخضع للتوازن والتحولات. فأنا أرسم ما أراه وما أحس به، فالإنسان هو منظومة عواطف وأفكار، كذلك الشحنات التي تتغلغل في كل أساس البيت العربي الشرقي مثل الكراسي، الستارة، الأصص المزهرة المزخرفة بفناء مشرقي متضمناً أبعاداً تراثية إلى قضبان النوافذة المتوازية خلف النظرات المرتقبة لحركة ما في العالم الخارجي، ليغدو البيت العربي بمجمله رحماً أسكن بداخله لأنشد الانفراج والتحليق بحرية.
* هناك تزاوج بين التجريد الزخرفي والتشخيص/الرمز/ في لوحاتك فما قولك؟
صحيح أعمالي هي مزيج بين دعامتين أساسيتين: التجريد والرمز، واللوحة هي مساحة للتواصل، ومساحة للحوار والتأمل، واستنباط الانفعالات والمشاعر.
تناولت الموروث والعناصر المعمارية، ومنها أصوغ عناصري وأجردها من شكلها التقليدي بطريقة قابلة للحياة، وقادرة على التعبير، فمكان المربع مثلاً رمز للبيت، والمثلث والدائرة رمز للديمومة.
أما الرمز أو التشخيص الذي أضمنه المعاني يشكل عندي مفاتيح الوجه، ويكون بمثابة إشارات تساعد على قراءة العمل عندما توظف العناصر وتكون مفتاحاً لرؤية بصرية تسحبك إلى أبعد من اللوحة، إلى ذات الفنان نفسه، وما علق عليها من بقايا آمال.
والأثر النفسي الذي غيبته وأبقيت على أثره أصيص، صندوق، جدار، نافذة مغلقة إلا من بقايا أمل لوني أبيض محققة حالة الفرج والانعتاق. * وماذا عن التفاؤل المنبعث من لوحاتك التشكيلية؟
بمنظوري اللوحة الفنية هي الجامعة لفسيفساء الحياة الاجتماعية بكل مكوناتها، هي النص الذي يسجل الفنان عليها أحلامه، وكل ما يشعر به من أحداث وحالات اختلاج ودوران وبحث عن ذات الفنان إذا الفنان يقدم نصه، وهو عصارة منظومة داخلية مفتقدة عنده، فيجد اللوحة هي الملاذ.
حيث يعبر عن صدق لمسة الريشة، وتكون الكهرباء لاستنهاض المشاعر عن المتلقي، والذي ترجع حساسيته في العمل إلى ثقافته، ومدى اهتمامه بمتابعة المعارض الفنية وأعمالها، وثقافتها العالية.
الرسم علمني أن أعطي التفاؤل لنفسي وللآخرين.
والفنان يرسم ويلون ذاته في لوحات تحمل تفاصيل الهوية، والتقاسيم مفتوحة على خصوصية ذاكرة المكان ذات الشرفات الواسعة التي توحي بالتحرر من سكون الواقع المحيط إلى طموح روحي بالتوثب والانطلاق، إنها فلسفة الفن باختصار.
* كلمة أخيرة للتشكيلية ليلى طه:
الفنان لايعرف اليأس بالرغم من حالة الركود التي عشناها منذ سنوات، والفنان يعاني من الظروف الصعبة من غلاء المواد وقلة المعارض والحضور وعدم الاقتناء، وحالة التقييد؟ إلا أنني مازلت مستمرة في عملي.
ونأمل أن تستأنف المراكز وصالات العرض نشاطها وأناشد القائمين عليها لتفعيلها، والآن بعد ماشهدت البلاد التحرر، لذلك الفنان تحرر ليرسم تطلعاته وأحلامه عبر أعماله ونصه التشكيلي.
أختم بقولي: الثقافة بشكل عام هي مقياس التحرر والخير، وإذا كان الإبداع بخير فالبلد بخير.
نأمل لوطننا الحبيب أن يكون بأبهى صورة إبداعية.
رفيده يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار