الحـــــــــب والقصـــــــيدة..

العدد: 9376

 الأحد-30-6-2019

 

 

 

مر على زواج صالح وخديجة عامان ونيف جسدا فيه معنى الحب الحقيقي كزوجين سعيدين.
كانا كعصفورين يتهامسان وتحت سقف واحد يغردان، صورة كل منهما لا تفارق الآخر، بيد أن صالحاً كان يتضايق من زوجته خديجة لأنها شديدة التعلق بالكتابة، كان حلم خديجة أن تصبح شاعرة في المستقبل.. وذات ليلة استيقظ صالح على إثر عطش أحس به، فلم ير زوجته خديجة بجانبه، ووجدها مازالت تكتب إلى وقت متأخر من الليل فاستشاط غضباً، وأسمعها كلمات قاسية.
لم تنبس خديجة ببنت شفة، لكنها أحست بالألم وسألت نفسها: هل أصبح يغار حتى من القلم؟
لم يكن صالح يحب رؤية القلم بين أصابعها بخلاف خديجة التي ما فتأت تشعر أن الكتابة هي ضالتها التي تبحث عنها.
وفي الصباح بعدما نهضت خديجة من فراشها تفاجأت بعدم وجود زوجها في المنزل مما حزّ في نفسها كثيراً.
أوقات عصيبة مرت عليها وهي تنتظره، نظرت خديجة إلى عقارب الساعة كأنها واقفة وراحت تعد الوقت بالثانية، وأشواقها لفراق حبيبها باكية.
وحين جنّ الليل أقفلت خديجة على ما يخصها من أقلام وقصائد، وتزينت وأعدت متكئاً لحبيبها.
حاولت خديجة الاتصال به لكنه للأسف لم يجب، مما زاد في قلقها.
حدثت خديجة نفسها: هل بدأ هذا الحب يخبو شيئاً فشيئاً؟ هل اغتالته سهام الغيرة فبدأ ينزف؟ بعدما امتطيت صهوة إنجاز حلمي، أكان عليَ التخلي عنه؟
أسئلة كثيرة راودت خديجة في ذلك اليوم، جفا النوم عيني خديجة وهي تحاول التماس وقع أقدام حبيبها، لكنه لم يعد، استمر الحال على ذلك ثلاثة أيام، فرت دمعتان من مقلتي خديجة وقالت: تخليت عن كل ما كتبت حتى القصيدة التي كنت أود المشاركة بها في مسابقة اتحاد كتّاب العرب تركتها لأجله ومع ذلك لم يأتِ.
شرعت خديجة بحزم أمتعتها والذهاب إلى بيت أهلها، لكنها أصرت ترك رسالة لزوجها كتبت فيها: ماذا أقول لحب نضج بين ذراعيك، واستقى الإلهام من نبضات قلبك؟ إنه من منحني الاستمرار في الحياة، فبه أستطيع الكتابة ومن دونه يتوقف قلمي.
أصيبت خديجة بحالة اكتئاب مما جعلها تعزل نفسها عن الناس في دار أهلها.
في الوقت ذاته بدأت نسمات الشوق والحنين تحوم حول صالح فتدفعه إلى حبيبته.
وعندما وصل صالح تيقن أنه ما من أحد، اتكأ على الكرسي وأخذ بصره يسوقه إلى حيث كانت معتادة خديجة الجلوس فوجد رسالة، فزع إليها وقرأها، أحس صالح بالندم من تسرعه، حاول الاستلقاء على فراشه لكن جسده بدأ ينتفض لا يدري إن كان من أثر برودة الليل أم من خواء حياته من أنفاس خديجة.
شرع صالح وأخذ القصيدة التي كانت تنوي زوجته المشاركة بها في مسابقة اتحاد كتاب العرب وسلمها إليهم.
حاول صالح الاتصال بخديجة ليعتذر إليها لكن هاتفها كان مقفلاً فذهب إلى ذويها وأعرب عن رغبته الشديدة في عودتها إليه.
مضى أسبوعان تحسنت فيهما حالة خديجة، وبينما هي تصفف شعرها رن هاتفها، ردت خديجة من المتصل؟! فأجابتها: أنا المسؤولة في اتحاد كتّاب العرب أريد خديجة…
نعم: أنا هي..
المسؤولة: أهنئك على فوز قصيدتك (الحب المستحيل)، عليك مراجعتنا.
اعتلت خديجة حالتان من الفرح والدهشة وبدأت تحدث نفسها كيف حدث ذلك؟!
دعا صالح زوجته خديجة إلى أحد المقاهي فذهبت ولما وصلت انبهرت بجمال المكان، كان كل شيء في المقهى مرتباً: ضوء خافت، غطاء الطاولة وردي اللون، موسيقا كلاسيكية، وزهر الأوركيد.
أمسك صالح يدي خديجة وقال: حضورك ملأ الزمان والمكان.
ارتوى زهر الغاردينيا وسقى الزنبق الحزين وعادت سحابة تشرين، يا كل أيام السنة بك بدأت أحلامي ومعك أنهي أيامي يا كلي أنت هو أنا وأنا هو أنت.
أخرج صالح من جيبه القصيدة الفائزة وسلمها لزوجته وقال: أنت يا حبي الأكبر، حينها تنهدت خديجة آخر تنهيدة وأعلنت فوز الحب والقصيدة.

ندى نجار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار