«للســـــلام ومن أرضـــــه» .. مهرجان شعري لأكاديمية السلام – فرع سورية

العدد: 9376

 الأحد-30-6-2019

 

 

في مداه، أطياف وأطياف من حياة، هو الشعر، يقلب موازين الزمن ويغادر المسافات، أكوانه بلا حدود، في صداه موسيقى تلاقي الروح في صمت المعاني، وتفجر حروفه ينابيع من مشاعر، يصير للشعور فيها ألق وحضور وبقاء عبر الحضارات كان الشعر ومازال يسطر نفسه، رغم أنه يغير رداءاته كل حين، إلا أن الحب مولده، والوفاء سلطانه، لهذا من سورية ومن أرض الأبجدية ما زالت الحياة تصيغ شعراً يحمل قلوب أصحابه وجغرافية أرضه ونبل أمته، وله مع كل شمس موعد يواعد ويوالف ويواصل ويصل ..

 

 

 

 

في وصله الأخير هنا في اللاذقية وعلى مدرج دار الأسد في اللاذقية، برعاية فرع حزب البعث العربي الاشتراكي باللاذقية ممثلاً بالرفيق محمد شريتح وبحضور نهلة عباد عضو مجلس المحافظة، أقامت مديرية الثقافة باللاذقية يوم الخميس الماضي الواقع في 23 حزيران، ندوة شعرية بإشراف الأكاديمية العالمية للسلام والتي مقرها ألمانيا، قامت الشاعرة بدرية إبراهيم رئيسة فرع الأكاديمية في سورية بتنظيم هذه الأمسية والإشراف عليها، شارك فيها لفيف من الأدباء والمهتمين والمتابعين، كانت البداية بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهدائنا الأبرار ثم صدحت الحناجر بالنشيد العربي السوري لتبتدئ الأمسية الشاعرة بدرية إبراهيم كلمتها قائلةً: مرحباً بكم في أبجدية العرب اللاذقية، أتوجه بالشكر لقيادتنا وجيشنا الباسل ونأمل الشفاء لجرحانا والعودة والسلامة للمخطوفين، والشكر الكبير لرعاة هذه الاحتفالية وللشعراء المشاركين وأنقل تحيات د. جان حمو رئيس الأكاديمية العالمية للسلام والتي مقرها ألمانيا وللحضور الكريم، مع حزني لاعتذار بعض الشعراء عن الحضور، بالتأكيد لهم ظروفهم الخاصة لكن بالمجمل وبمشاهداتي أرى انخفاضاً في حيوية الحركة الشعرية هنا في هذه المحافظة، لكن وبكل الأحوال، مرحباً بكم وبالكمّ النوعي الذي يحضر الآن معنا، وسنبتدئ مع الشاعرة السورية نبال ديبة التي ألقت كلمة د. أحمد القيسي عضو الأكاديمية العالمية للسلام فرع العراق في رسالة إلى سورية يقول فيها: سادتي الحضور.. الحمد لله دليل النعم، باعث الهمم ذي الفضل أن منَّ الله منزلة رفيعة أكرم بها هذا البلد الأشمّ قيادة وشعباً وأرضاً وسماء، اليوم حيث اللقاء، الدروب تفرح والقلوب والوجوه تشرق بدراً في سماء هذا الصرح، هنا عطش من نوع آخر، المشرق، هطول العزائم وتنافس الهمم، وهذا ما برهنته سورية على أرض الواقع بانتصاراتها الجليلة، هنا سنحتضن دفء الكلام، دفء النفوس الصادقة الشريفة المعطاءة لبناء سورية العروبة، سورية النصر، عرين الأسد، فألف تحية وتحية لشرفاء وشهداء العروبة، لجيش سورية الحرة، الشريفة، التاريخ لك.. الحاضر لك.. والمستقبل لك.. سورية الطيب والمحبة، سورية ياسمينة الشام.. أنت.

 

 

– بعد كلمة د. القيسي، ألقت الشاعرة نبال ديبة قصيدتين شعريتين، تقول في مقطع من قصيدة (طالعٌ من تراب الوطن):
ريحة نصر
بتعطر عطوري
تراب الوطن مع دم
أبطال القدر
فتّح ورد جوري
وحدّ الورد طالع قمح
قمح وخبز … سوري
وليصدح الشعر ثانية مع الأديب مخلوف مخلوف حيث ألقى مجموعة من قصائده الشعرية القديمة والحديثة يقول في مقطع من قصيدته «الرابعة فجراً»:
في الرابعةِ فجراً
كانت الساعةُ
تمامَ الرابعةِ فجراً
وقتٌ للديكةِ
كي تعتليَ المآذنَ وتعلن:
– إنّ التفكّر ..
أو التدبّر في شؤون الكونِ
خيرٌ من النّوم
في الرابعةِ فجراً
تمامَ الرابعةِ فجراً
وبين مدٍّ وجزرٍ
وجزرٍ ومدٍّ
– بين تتابع الفقرات كانت الشاعرة بدرية ابراهيم تقدم مقطوعات شعرية زجلية مختلفة تقدم بها شعراء الأمسية ودعوتهم للحضور إلى المنبر وكانت الوقفة التالية للأديب والباحث حيدر نعيسة في كلمة مشاركة مقتضبة بادئاً ببعض أبيات شعرية عن اللاذقية ليتابع قائلاً: «الحقيقة دائماً ما نتذكر بأن ما تعلمناه أن البناء التحتي هو الذي يحدد البناء الفوقي قد تكون هذه المقولة صحيحة لكن في الفن والشعر فهي معكوسة إذ أن الأعلى هو الرأس وهو أعلى إنتاج وإلهام للمبدعين والعلماء لأنهم البناة الحقيقيون، وهم الذين يقع على عاتقهم بناء الإنسان، وبناء الإنسان خير من بناء مدينة … ومن لبِنات هذا البناء هذه الملتقيات والندوات، كل لقاء هو خير وفرح، وكما يقال المجالس مدارس، هكذا نتعلم ونعلم، ومن هذه المقولة نجد أن هذه الملتقيات ومن ضمنها أكاديمية السلام- ملتقى أوتار- صالون بكسا الأدبي، ملتقى الشراع- ملتقى القنديل وسواها من التجمعات الثقافية الفكرية تمثل خلاصات فكر ومنابر وطنية وعفوية وثقافية تغير نبض حياة بعد ليل طال، وقد آن لهذا الليل أن ينجلي بجهود جيشنا العربي السوري وقيادتنا الحكيمة، عاشت سورية- المجد لسورية».
– في فقرة أخرى كانت العودة للشعر ومع ملتقى «أوتار الثقافي» مع الشاعرتين ليلى الحايك وسحر غانم حيث ألقت الشاعرة ليلى الحايك مجموعة من القصائد الشعرية التي تغنت بها للوطن والحب والسلام ومن قصيدتها «حزن عاشق» نقتطع الآتي:
آهٍ من حُزنٍ أدمى أناملَ صبري
ومن أملٍ أعيشُ على صداهْ ..
ما بالُ الزهرِ ﻻ يوقظهُ عطرٌ
ولا تغردُ قصائدُ الحبِّ على الشفاهْ ..
يا من أرتدي ضَحِكاته ثوبَ فرحٍ
وسقاني تغريدَ العصافيرِ..
قبلَ أن تعزفَ أغنياتِك على غصنِ قلبي ..
كنتُ ليلاً بلا نجومْ
وقمراً متأرجحَ الضوءِ
ونسمةً منسيةً على ثُغرِ الفجرِ
كورْقةٍ تدحرِجُها رياحُ الخريفِ»
و قدمت الشاعرة سحر غانم قصائد شعرية نقتطع هنا مقطعاً من قصيدتها والتي كانت بعنوان «الساعة الأخيرة» :
الساعة الأخيرة..
في الساعة.. الأخيرة
من صليب الليل
يناديني.. صمت الوقت
الجميع نيام.. لا بأس
هناك..
من يستأنس بوحشتي
إنه صفاء المجرات وعناقيد الاشتياق
حبلى متكورة.. تلك اللحظة..».
– ضمن هذا الطقس الشعري ودعوته للسلام كانت كلمة عضو مجلس المحافظة نهلة عباد والتي قالت في مقتطع منها:» السلام على من أحبّ السلام، وزرعوا في قلوب الناس الوئام، السلام هو الأمان وحفظ الكرامة وتوفير الحياة الكريمة، وكل ما قام به جيشنا وشعبنا في هذه الظروف الحالكة إنما من أجل السلام وحق شعبنا وشعوب العالم به.. بعض الناس عندما تلتقيهم تكون الكلمة الطيبة عنواناً في اللقاء، والكلمة الطيبة ترفعنا إلى السماء، والكلمة السيئة تنزلنا إلى ما دون الأرض، لذلك فالشعر هو رسالة للكلمة الطيبة السموحة ووسيلة لقاء فكري ثقافي يحمل موسيقى وشجن ضمن حروفه، يعبّر عن روح وشعب وأمة، ولهذا كنا وما زلنا نحرص ومن موقع مسؤولياتنا في مجلس محافظة اللاذقية على دعم أيّ نشاط ثقافي ومن ضمنه الشعر، لتعزيز الكلمة الطيبة الجميلة التي تؤلف بين القلوب وتقول ما زال الشعر حيّاً فينا، الشكر د. جان حمّو وسفراء الكلام في سورية والوطن العربي والعالم في أداء مهامهم الإنسانية لنشر المحبة والسلام، الذي بدوره يقود إلى الخير، نأمل دائماً أن يظل السلام والخير مغروساً في بلداننا والعالم أجمع وهنيئاً لمن يزرع السلام».
– والختام كان مع وقفة شعرية للشاعرة بدرية ابراهيم التي ألقت مجموعة من القصائد الشعرية الزجلية منها والفصحى، ومن ديوانها (اسم مستعار) نقتطع هذه الأبيات من قصيدة صوت الأنين:
ما عاد ينفعُ في الهوى كتماني
مادام حبك مشـــــــــــعلاً نيراني
فالعين تحكي والدموع تشتكي
والحكمُ أنتَ والهــــــوى سجاني
سحر الغرام في عيوني قد بدا
حتى تملّك حبّك وجـــــــــداني
غافلـــــــــت قلبي وامتلكت أمره
وبدأت تمشي عابراً شريـــــــاني
لتُنهي هذه الأمسية بالشكر للمشاركين والتحيات المرسلة من الأكاديمية العالمية للسلام والشكر الذي وجهه د. حمو المسؤول عن هذه الأكاديمية والتحيات التي أرسلها لسورية شعباً وقيادة وجيشاً وختمت قائلةً: «من هذه الأرض الطيبة سورية الحبيبة أرض النور والمحبة والعيش المشترك، سورية التي كانت وستبقى حرة بهمّة القيادة الحكيمة والجيش الأبيّ البطل حفظ الله سورية والمجد لها».
– في نهاية هذه الأمسية كان لابدّ لنا من حوارات جانبية نُغني اللقاء بلقاء، فكان في البداية مع المشرفة على هذه الأمسية الشاعرة بدرية ابراهيم وهي الفاعلة والنشيطة في المجال الشعري وخاصة الزجل، صدر لها 26 ديواناً شعرياً زجلياً إضافة إلى ديوانين باللغة الفصحى، كما أنها تكتب الرواية، كانت تعمل بالمجال التربوي التعليمي وهي متفرغة للشعر والأدب منذ فترة:
* كيف تم التنظيم لهذه الفعالية، وماهي الترتيبات المتبعة في ذلك؟
** أنا مسؤولة أكاديمية السلام فرع سورية هذه الأكاديمية مقرها في ألمانيا، من خلال اجتماعنا ولقائنا على صفحات التواصل الاجتماعي استطعنا أن نقوم بلقاء شعري ثقافي وحيوي، هذه الصفحات ضمت عدداً من الشعراء من مختلف البلدان العربية والعالمية وصار لنا حضور مهم، أحببنا أن نترجم هذه اللقاءات على أرض الواقع وفي بلداننا بغرض التعريف بالشعراء أكثر، المحليين والعرب في سورية وخارجها، وكان لنا ذلك وهذا ما نقوم به في كل المحافظات السورية ونحن اليوم هنا في اللاذقية وقد أتيت من دمشق لإتمام هذه الفعالية وكان معي عرض فني راقص إلا أن تأخيراً ما حصل صعّبَ الأمر على الفرقة بالسفر والقيام بالتحضيرات وتقديم العرض لذلك نحن اليوم في نشاط شعري فقط، كنا نأمل أن تتكامل مع العرض الفني المسرحي.
* كيف تم اختيار الشعراء وعلى أي أساس ؟
** الشعراء هم الفاعلين على صفحة الأكاديمية وإنتاجهم الشعري معروف لدينا ولدى المهتمين والمتابعين للشعر والأدب بشكل عام، فتم الإعلان على من يود المشاركة وقد قبلنا معظم الأسماء التي راسلتنا للمشاركة في هذه الندوة الشعرية .
* الشعر فن أدبيّ ونبض مجتمعي ومرآة ويقال عندما يكون الشعر بخير يكون المجتمع بخير، كيف تقيمين الحركة الشعرية السورية الحالية في إطار الوضع الجريح الذي مرت به سورية؟
** بالنسبة للحركة الثقافية ولنكن صادقين فهي غير مرضية، في أغلب المحافظات السورية، واليوم أنا حزينة لأن العديد من الأسماء المشاركة قد اعتذرت عن الحضور حتى أنّ بعضهم قد حضر وغادر قبل بدء الندوة، هذا أمرٌ مؤلم حقاً وخاصة هنا في اللاذقية، وعندما نقول إننا في وضع حرب هذا غير مبرر، فالألم يصنع الحياة أيضاً، لكن الشعب السوري خلاق في كافة المجالات وفيها الأدب والشعر والفن، فالشعر هو متنفس لأبناء الشعب ونحن من خلال هذه النشاطات إنما نعزز اللقاءات أكثر ونعرف الجمهور على شعرائنا وأدبنا وإنتاجنا الأدبي الثقافي، نأمل الأفضل وسنعمل عليه دوماً في سورية الحبيبة، المجد والسلام لسورية
– ومع نهلة عباد عضو مجلس محافظ اللاذقية كانت لنا وقفة نسأل فيها عن مدى التعاون لإنجاح هذه الفعاليات.
* كيف يمكن لكم من موقعكم أن تدعموا هذه الفعاليات وكيف يمكن التنسيق والترتيب لها؟
** الفعاليات الثقافية هي روح الشعب ومرآته، ونحرص دائماً أن يكون هذا النبض حيّاً جميلاً ونقدم كل ما نستطيع القيام به من أجل تسهيل العمل للمسؤولين عن هذه الندوات وللمشاركين الراغبين فيها، الشعر رؤية وتطلع وروح ونحن نحاول أن نقدم بما يليق بالعقل السوري المنفتح، النابض بالحياة رغم كل آلامه .
* كيف تقومون بالتنسيق والتنظيم لهذه الفعاليات؟
** تمّ التنسيق مع مديرية الثقافة في اللاذقية و وتم اختيار الشعراء من مختلف الملتقيات الشعرية والأدبية والمنتديات الثقافية، من أسماء معروفة ولها حضورها على الساحة الثقافية ومن الأسماء التي تحاول أن توصل صوتها ونتاجها الأدبيّ، حاولنا تسهيل كل الصعوبات، رغم الظروف المعاكسة أحياناً، فالرسالة التي يقوم بها الشعر هي من تقوّي عزيمتنا، فالشعر والسلام مرادفان لبعضهما البعض، والشعر هو منبع الإنسان وله، والحرب تعني الدمار، نحن نحب وكما هي حضارتنا الأصيلة لنشر السلام والمحبة من أجل حياة كريمة يستحقها شعبنا السوري البطل وهي مسؤولية الجميع من شعراء وأكاديميين وعلماء ومربين، وسورية تضمهم جميعهم بأبهى حلة، سورية ستبقى سيدة الحب والمحبة والسلام.
– وفي وقفة جانبية مع المسؤول عن ملتقى أوتار الأديب مخلوف مخلوف وعن مشاركته قال لنا: إذا كانت الثقافة هوية الشعوب . . . فإن الشعر ربما هو المعبّر المباشر أو الناطق الرسمي باسم هذه الثقافة .. لأنه صوت الناس .. وجع الناس .. آمال الناس وآلامها وطموحها لاقتناص لحظات الفرح والحب والإبداع والجمال في زمن الأحزان والأوجاع الكبرى التي نعيش ..وفي هذا الإطار جاءت دعوة مديرية ثقافة اللاذقية لإقامة أمسية شعرية ثقافية أدبية، كان لي ولشعراء من الملتقى شرف الحضور والمشاركة، ونأمل التوفيق في كل من يقوم بأي عمل ثقافي هدفه نشر المحبة والسلام، لأننا أصحابه ودعاته.

سلمى حلوم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار