بين الشـط والجبل …دجاجات وديك

العـــــدد 9374

 26 حزيــران 2019

 

فوق سطح دارها وسط المدينة، كانت سيدة البيت تربي عدة دجاجات وديكاً، كان الديك جرس الإنذار الصباحي للجوار، يستيقظ على صياحه طلاب المدارس كمنبه، ديك ضخم يزين رأسه عرف أحمر طويل، لجسده جناحان كبيران يفردهما بفخر، يمشي بثقة فوق الجدار المرتفع كحارس، ومراقب، ولا يقع، وهو يصيح بصوت قوي صياحه المعهود.
تتجمع الدجاجات حوله يتمتمن بأصوات ضعيفة وكأنهن سيدات في جلسة نميمة، عندما تأتي سيدة البيت – صاحبتهم، صديقتهم، وهي تحمل لهم الطعام، تعلو الأصوات فتصيح بهم: اسكتوا . .
يصمتون جميعاً كبارهم والفراخ وحتى الديك الملك، وحين ترمي الطعام في مكانه المخصص يأكلون بشهية، ثم ينظرون إلى سيدتهم نظرة ود وامتنان.
كل صباح يصل صياح ألم من دجاجات تضعن البيض، صرخات يليها سكون، بعد قليل يمتلئ المكان بالبيض، تحمله السيدة فطوراً وللعشاء لأسرتها الكبيرة، وللصديقات هدايا اليوم.
في موعدها (تقعد) الدجاجة – كما كانت تقول، وعندما يمرّ الوقت المحدد يفقس البيض، وتخرج الفراخ، وتفرح السيدة كأنه العيد.
ويبقى البيض متوفراً في البيت كل الأوقات، فالدجاج كثير، والخير وفير، وموعد التفقيس مختلف، ومواسم الخير لا تتوقف.
الفراخ الذكور تؤكل حين يحين أوانها، والدجاجات للإنتاج، وديك واحد يكفي . .
سبب الحديث اليوم هو الخمس عشرة دجاجة مع خمسين كيلوغراماً من العلف لكل أسرة ريفية تشجيعاً لتربية الدواجن المنزلية، ولتمكين الأسر الريفية مساعدة من الحكومة أثارت زوبعة على بعض صفحات التواصل، وسخرية من البعض . .
قضية تدفعنا للقول أن طعم البيض الذي نتناوله اليوم ليس هو الطعم الذي عرفناه، وكذلك لحم الدجاج، ولا ننسى الرائحة المنفَرة من محلات بيع الدجاج في الأسواق لذلك علينا العودة إلى تراثنا، عاداتنا، وما تركناه عمداً.
اليوم، هجرت المرأة الريفية أرضها وتركتها، وكانت قبل مكاناً لإنتاج خضروات البيت وطعام الأسرة، وتركت تربية الدجاج أو بقرة، لتلتحق بوظيفة في المدينة لا يكفي راتبها أجرة نقل، وعلبة سجائرها اليومية، ولمشروب المتة، وكانت فيما مضى بطلة تصنع المستحيل بيديها، وتقدم لأسرتها الحياة من العدم فهل نبدأ؟

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار